ماذا يعني التقارب السعودي الإيراني؟!
بعد 7 سنوات من القطيعة الدبلوماسية السعودية والإيرانية اتفقت الدولتان على طي صفحة الماضي واستئناف العلاقات من جديد، وهو تحول لو تعلمون عظيم؛ ذلك أن التهديد الإيراني للخليج سوف يتلاشى وسوف يتراجع معه بالضرورة النفوذ الأمريكي لصالح الصين..
التي رعت هذا الاتفاق حتى خرج إلى النور ليكون خطوة مفصلية على طريق تهدئة الأوضاع في منطقة ملتهبة بالصراعات وتقاطعات المصالح بين القوى الإقليمية بعضها بعضًا من ناحية، وبينها وبين القوى الدولية صاحبة التأثير والنفوذ من ناحية أخرى؛ ذلك أن السعودية وايران اتفقتا –بحسب وكالة الأنباء السعودية-على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين.
الاتفاق السعودي الإيراني جاء نتاجًا لمباحثات جرت في الصين برغبة متبادلة من الجانبين في حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية.
ردود الفعل الدولية تباينت إزاء هذا التحول؛ فبينما رحبت الدول العربية بالتقارب السعودي الإيراني الذي قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إنه يأتي انطلاقًا من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار؛ ذلك أن دول المنطقة يجمعها مصير واحد وقواسم مشتركة تجعل من الضرورة أن تتشارك معًا لبناء نموذج للازدهار والاستقرار..
بينما علق وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بقوله إن سياسة حسن الجوار التي تنتهجها حكومة إبراهيم رئيسي تسير في الاتجاه الصحيح.. كما رحبت أمريكا بأي جهود للمساعدة في إنهاء الحرب في اليمن وتخفيف التوترات في منطقة الشرق الأوسط؛ لكنها نفت أن يكون لها أي دور في الاتفاقية، وأكدت أنها تراقب عن كثب نفوذ الصين في الشرق الأوسط وأفريقيا..
وهذا هو بيت القصيد إذا ما نظرنا لتصريحات مديرة الاستخبارات الأمريكية بأن بكين هي المنافس الأكبر لبلادها وأن الحرب القادمة ستكون غير تقليدية وأن النصر سيكون للأكثر تطورًا في الذكاء الاصطناعي.
لكن إسرائيل وهى الطرف الأهم في معادلة الصراع مع طهران لم يصدر عنها أي تعليق رسمي رغم أن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مسئول إسرائيلي قوله إن الاتفاق السعودي الإيراني سيؤثر على إمكانية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، بينما استنكر رئيس وزراء إسرائيل السابق نفتالي بينيت مثل هذا التقارب ووصفه بالتطور الخطير لبلاده؛ ذلك أنه انتصار سياسي لإيران وفشل لحكومة نتنياهو.
عودة العلاقات السعودية الإيرانية سيصب في صالح المنطقة؛ ذلك أنها ستنهي عزلة إيران، وتقطع الطريق على التدافع الأمني الذي يخسر منه الجميع؛ وسوف تفتح الباب واسعا لمناقشة ملفات شائكة ظلت عالقة لفترة طويلة، وعلى رأسها الأمن البحري وأمن الطاقة، والمليشيات وحزب الله في لبنان والحوثي في اليمن وغيرها..
وهو ما يسهم في تخفيف التوتر في المنطقة ويضع حدًا للحرب في اليمن التي تصب في صالح أطراف أخرى ليس من بينها السعودية ولا إيران ولا اليمن بكل تأكيد.. كما أنها تشي بتعاظم الدور الصيني على مسرح العلاقات الدولية وخاصة في الشرق الأوسط، وهو ما يفتح الباب لعالم متعدد القطبية وينهي سطوة أمريكا القطب الأوحد.ِ