رئيس التحرير
عصام كامل

الحالة سوبر ماركت

"معاذ الله إني ما يئستُ ولا وهن حسن ظني بالله، لكنها والله أيام ثِقال". أيام يمر إيقاعها مصحوبا بنغمات المعيشة الصعبة التى تواجه كل منا في يومه، بين مستويات الدخول التى انخفضت قدراتها الشرائية عن السابق، وبين قوائم المتطلبات الضرورية التي لا ترحم ولا تعطى هدنة، وكأنها حبات مسبحة مشغولة بخيوط من صلب لا ينفرط عقدها.

أعاني من حالة "السوبر ماركت" وهي كوكتيل نفسي من الصدمة الممزوجة بالدهشة مع فتح الفم من الصعقة، ثم الانسحاب في هدوء، مصحوبة بهمهمات مبهمة الكلمات والتعبيرات.

تبدأ تلك الحالة كما وصفها أحد الأصدقاء في تدوينة ساخرة بوصف شديد الدقة، حين قال: "أعطى البائع ثمن السلعة، وبينما انتظر الباقى، ينتظر هو أيضا الباقي"، وتنتهى العلاقة المؤقتة، ببقاء السلعة معززة مكرمة فى كنف مالكها الأصلي، ثم المغادرة بخفي حنين، بعد قسط وافر يناله الجسد من ارتفاعات أرقام الضغط والسكر.

في الحي الشعبي الذي أقطن به، أصبحت أرى بعض تجار الأغذية الموصومين بالجشع، وحوشا يشربون دماء البشر، تقترب من أبوابهم تسألهم بكل خوف: بكم هذه؟، فتأتي الإجابة مصحوبة بنظرة شيطانية، تنطق سعرا صاعقا لكل المشاعر، المحسوسة واللا محسوسة أيضا.

أنظر إلى تاريخ إنتاج السلعة، فأراه منذ عام، يخبرني بعضهم أن التاجر مضطر لأنه سيشتري بالغالي ولهذا رفع سعر السلعة أضعافا عما اشتراها به من أجل مواكبة السعر الحديث، وفي الحقيقة إنه حين اشتراها منذ عام تقاضى بالفعل هامش ربحها، وحين يشتري جديدا سيعد هامش ربحه الجديد ويتقاضاه أيضا.

 

 

أيها التجار الجشعون: تسابقوا كيفما شئتم فى ماراثون رفع الأسعار، أوسعوا المسافات بين أرجلكم حين تركضون، كي تزيد شحوم كروشكم من عرق الناس، وأيقنوا أن أرباب الأسر فوضوا أمورهم إلى الله فيكم، وهو نعم المولى ونعم النصير، وحسبي الله ونعم الوكيل.

الجريدة الرسمية