رئيس التحرير
عصام كامل

صديقي الذي أهابه كثيرا

كان الدكتور أيمن، وهو أكاديمي ومسؤول سابق في إحدى الوزارات، يزورنى من وقت لآخر في مكتبي، وخلال حديثنا لا يشغل عقله، إلا محاربة مرض السكر ذلك القاتل الصامت مدمر الأجساد، العابث فيها تخريبا.

كرس الدكتور أيمن وقد قارب السبعين من عمره جُل حياته للتوعية بخطورة مرض السكر، وآثاره المدمرة للصحة، إذا أُُهمل علاجه وحدث تراخي عن الفحص الطبي، مع الاستمرار في السلوكيات الغذائية الخاطئة بتناول النشويات والسكريات وكل ما يؤدي إلى ارتفاع أرقام نسبة السكر في الدم بشراسة.

كنت استدعي موظف البوفيه، فيطلب الدكتور أيمن مشروبا دون سكر، يخبرني أن فمه اعتاد على مذاق المشروبات بدونه، وأنه بات يشعر بنشاط كبير بعد أن أقلع عن تناوله تماما فى أى صورة غذائية كانت، إلا نسب بسيطة ضئيلة للغاية بمتابعة دقيقة من الطبيب، إذا احتاج جسمه لها عند الضرورة القصوى.

يخبرنى الدكتور أيمن حينها أنه ترك سيارته فى جراج بوسط القاهرة، وجاء إلى منطقة المهندسين سيرا على قدميه بغرض حرق وجبة الغذاء، إذ كان يؤمن تماما بأن المشي والرياضة هما السبيل الوحيد، لتطهير الجسم من آثار الطعام السلبية.

اليوم العالمي للسكر

 

نظم يوما محاضرة تثقيفية حول مرض السكر، واتفق مع إحدى شركات توزيع أجهزة قياسات السكر العشوائية للتبرع بالقياس للحضور مجانا، وفاجئهم الدكتور أيمن بعرض القياس الفوري العشوائي.

وكانت النتيجة صادمة، فمن بين الحضور الذين بلغ عددهم أكثر من مئتي شخص، وجد ٢٧ منهم ارتفاعا كبيرا فى القياس وهم لا يعلمون بوجود مؤشرات السكر لديهم، ما استدعى توجيههم إلى إجراء الفحص الطبي المباشر والدقيق لبيان حجم الإصابة، والبدء فى وضع خطط التعايش حتى تتقلص التأثيرات وتنخفض النسب المرتفعة للقياس.

شرفت أمس بحضور احتفالية ختام اليوم العالمي للسكر، وفاجأ الدكتور محمد هشام الحفناوي العميد الأسبق للمعهد القومي للسكر الجميع، بالتأكيد على أن الإحصائيات العالمية رصدت حالة وفاة تحدث كل ثمان ثواني بسبب السكر، وحالة بتر طرفي تحدث كل ٣٠ ثانية جراء مضاعفات هذا المرض الخطير.

عاش أبي أعوامه السبعين إلى أن توفاه الله وهو حريص على الفرار من هذا المرض بعد أن عاشه مع أمى لحظة بلحظة ما يزيد على ٤٥ عاما.

كان أبي يخبرنى أن السكر ضيف ثقيل له هيبة، يفرض نفسه عليك رُغم أنفك، حتى يلتصق بك ويمتلك جسدك، فإذا احترمته احترمك وتركك إلى  حال سبيلك، وإذا أخللت بواجبات هذا الاحترام، أذاقك صنوف العذاب ألوان.

استوعبت كلمات أبي وكلمات الدكتور أيمن جيدا، وإذا راودتني نفسي الأمارة بالسوء، بتناول قطعة حلوى، أو زيادة فى وجبتي على غير المعتاد، فعلي أن أهذبها بالمشي الكثير لحرق ما جنيت من سعرات، محاولا تطهير جسدي من آثام الحلويات.

 

 

لا تستهن بالسكر وآثاره، أهرب بل فر فرارا من التهام أصناف النشويات والسكريات وغيرها من الأطعمة المليئة بالكربوهيدرات والسكريات والعصائر المحلاة التي تدمى الجسد، فلن يحك جلدك مثل ظفرك، ولن يسندك أحد إلا قدماك، وقانا الله وإياكم شر المرض.

الجريدة الرسمية