أسعارنا تخاصم الأسعار العالمية؟!
عندما أصيبت الأسعار العالمية بالالتهاب وانطلقت ترتفع بانفلات في بداية العام الماضي سارت وراءها أسعارنا المحلية بالطبع.. ولكن عندما هدأ هذا الارتفاع وتوقف وبدأت الأسعار العالمية في التراجع لم تستجب لها الأسعار المحليةَ وظلت تواصل الارتفاع خاصة بالنسبةَ للسلع الغذائية وفي مقدمتها الخبز والدواجن واللحوم ومنتجات الألبان والبيض..
ويبدو للوهلة الأولى أن السبب هو أن الأسعار المحلية لم ترتفع نتيجة فقط لارتفاع الأسعار المحلية وإنما ارتفعت أيضا نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه المصري، والذى ترجم في زيادة أسعار كل السلع المستوردة وأيضًا المنتجةَ محليا، ويدخل في انتاجها مكون أجنبي أي تعتمد على مستلزمات إنتاج مستوردة، مثل صناعة الدواجن التي تعتمد على العلف المستورد من الخارج.. ولذلك عندما بدأت تنخفض أسعار الغذاء العالمية واصلت لدينا الارتفاع.
غير أن النظرة الفاحصة لأحوال أسواقنا تبين أن هناك سبب آخر مهم يفسر استمرار ارتفاع الأسعار في أسواقنا رغم تراجعها في الأسواق العالمية، وهذا السبب هو إصابة اسواقنا بداء الاحتكار.. نعم لدينا جهاز لمواجهة الاحتكار وحماية المنافسة منذ سنوات مضت، ولكن هناك حتى الآن سيطرة مباشرة وغير مباشرة على أسواقنا من قبل حفنة من كبار المنتجين وكبار المستوردين وكبار التجار، وهذه السيطرة جعلتهم يبالغون في زيادة الاسعار لتحقيق هامش ربح كبير وضخم يَصِل أحيانا إلى مائة في المائة رغم أنه لا يتجاوز في أعتى الدول الرأسمالية 20 في المائة فقط..
ولا يفيد التعامل المحدود أو الجزئى للحكومة مع هذه الاحتكارات.. فنحن جربنا ذلك في إحدى السلع الغذائية التى اعتبرتها الحكومة سلعة استراتيجية وتدخلت لتحديد أسعارها للمستهلكين، فقد قام هؤلاء المحتكرون بتخزين الأرز وإخفائه عن الأسواق وافتعال أزمة فيه.
الحل الإستراتيجي لمشكلة الاحتكارات في مصر يكون بمواجهة اقتصادية شاملة تعتمد توسيع قاعدة المنتجين والمستوردين والتجار في كل السلع المتداولة، وأن نكف عن الاعتماد على حفنة من كبار رجال الأعمال الذين يستأثرون وحدهم بكل شيء بما فى ذلك الشراكة مع الحكومة والجهات السيادية للدولة.. ولا حل أمني ولا إداري لمشكلة الاحتكارات وبالتالي لمشكلة الغلاء وإنما الحل الاقتصادي وحده هو الحل الناجح.