ديون مصر تتراجع.. لماذا؟
بعد تزايد مستمر لا يتوقف في ديون مصر الخارجيةَ منذ عام 2011 ولنحو إحدى عشر عاما وربع، بدأت هذه الديون تتراجع ابتداء من ربيع العام الماضي.. وبلغت قيمة هذا التراجع نحو 2,8 مليار دولار خلال تسعة أشهر لتسجل طبقا لآخر بيانات للبنك المركزى قرابة 155 مليار دولار في نهاية العام الماضى.. وسبب هذا التراجع أن الاقتراض من الخارج تراجع كثيرا فيه، وفي ذات الوقت لم تتوقف عن سداد أعباء الديون من أقساط وفوائد.
وقد تراجع الاقتراض من الخارج لأمرين، الأول قلة ما هو متاح من قروض خارجية، وخاصة سندات الخزانة بالعملات الاجنبيةَ في ظل عزوف أصحاب الأموال الساخنة عن استثمار أموالهم في الأسواق الناشئة، والأمر الثاني يتمثل في اتجاه الحكومة إلى ترشيد اقتراضها من الخارج، وهو ما تبين بوضوح في مطالبة دول الخليج في استبدال ودائعها لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات من خلال برنامج الاستحواذ على الأصول.
والقروض الخارجية المصرية مرشحة هذا العام لمزيد من التراجع لأننا مطالبين فيه بدفع أقساط وفوائد كبيرة لها تقترب من رقم العام الماضي والذي بلغ نحو 20 مليار دولار في الوقت الذي لن يكون متاحا الاقتراض من الخارج بمعدلات كبيرة كما كان الحال من قبل، وسوف تنخفض أعباء ديوننا الخارجية منذ العام المقبل ولبضعة سنوات قادمة..
المهم أن ملف ديوننا الخارجية يستحق من قبل من يديرون اقتصادنا اهتماما خاصا لأنه ولو كانت هناك كل المؤشرات الخاصة به تجعلها آمنة، فإننا نسدد ديونا قديمة بقروض جديدة وهذا أمر يجب أن نتوقف عنه لآن الاقتراض الآمن تماما هو الاقتراض لتمويل مشروعات تحقق عائدا منه نسدد أقساط وفوائد هذا القرض، وهذا ما انتهى إليه كتابي الجديد: (ديون مصر.. حكاية عمرها ١٥٠ عاما).