نحن نكرر أخطاءنا!
عندما قمنا بتحرير سعر الصرف عام 2006 اعتمدنا على الأموال الساخنة لسد الفجوة التمويلية من النقد الأجنبي التى نعانى منها، ولكننا اكتشفنا متأخرا، كما قال وزير المالية، خطأ ذلك بعد أن هربت من أسواقنا وبشكل مفاجىء الأموال الساخنة من اسواقنا وفقدنا بذلك نحو 20 ملياردولار في عام واحد (2022)، وذلك على أثر إتجاه الفيدرالى الأمريكي إلى رفع الفائدة ليجعل السوق الأمريكي جاذبة!
غير أننا للأسف عدنا لتكرار هذا الخطأ مجددا رغم تعهد وزير المالية بعدم الاعتماد مجددا على الأموال الساخنة، وذلك حينما عدنا إلى جذب تلك الأموال تحت ضغط النقص فى مواردنا من النقد الأجنبي!.. صحيح أن الأموال الساخنة التى اجتذبناها مازالت محدودة إذا ما قورنت بالأموال الساخنة التى كنّا نعتمد عليها من قبل..
ولكن أخشى أن يغرينا الأمر ونتمادى مجددا في الاعتماد عليها، لنجد أنفسنا أمام أزمة جديدة في النقد الأجنبي بعد سنوات ونعود إلى ذات الوصفة الخاصة بخفض الجنيه، وهى الوصفة التى نستخدمها منذ أن قامت حكومة عاطف عبيد بتحرير سعر الصرف، لأننا اكتفينا بذات الوصفة التى تعالج أعراض المرض الاقتصادي والمتمثلة في عجز ميزان المدفوعات وشح النقد الأجنبي..
ولم نتصد بذات الحماس لعلاج المرض ذاته والمتمثل في أننا نستهلك أكثر مما ننتج ونستورد أكثر مما نصدر.. وحتى نتخلص من هذا الخلل لا سبيل أمامنا سوى إنتهاج سياسات تزيد الإنتاج والصادرات، وحتى يتحقق ذلك وهو يحتاج لوقت طويل، ليس أمامنا سوى تخفيض استهلاكنا وترشيد وارادتنا من الخارج..
أما العودة للاعتماد مجددا على الأموال الساخنة لسد الفجوة التمويلية فإنه سوف يمنحنا فقط مهلة يستقر فيها الجنيه بعض الوقت ولا يمنحنا حلا لأزمة النقد الأجنبي.