استعراض قوة رخيص!
هل انتهت أزمة المنطاد الصيني فوق المجال الجوي للولايات المتحدة بصاروخ أطلقته طائرة من طراز F22، فأسقطه في مياه المحيط؟
تابع العالم على مدى الساعات القليلة الماضية، قصة المنطاد الصيني الذي يحلق علي ارتفاع ٢٤ كيلومترا فوق الأراضي الأمريكية، وترقب الناس رد الفعل من جانب البيت الابيض، الذي اعتبر المنطاد أداة تجسس، لا سيما وأنه ركز نشاطه فوق مواقع عسكرية حساسة داخل التراب الأمريكي، بينما تعتبره بكين مجرد منطاد مدني مختص بجمع معلومات الطقس والمناخ وأبحاث علمية، وأن أمريكا بالغت وسيست القضية!
حقيقة الأمر أن المناطيد الصينية دخلت المجال الجوى الأمريكي من قبل في عهد ترامب، علي نفس الارتفاع، بل وفي بداية عهد بايدن الآن، فما الذي جعل الأخير ينتفض هذه المرة، ويأمر بإسقاط المنطاد الصيني والاستيلاء علي بقاياه وفحصها لمعرفة نوع المعلومات التى جمعها؟
أمريكا والمنطاد الصيني
دخول المنطاد الصيني سبق زيارة أنتوني بلينكن وزيرالخارجية الأمريكي إلى بكين بيوم، واضطر الأخير إلى تأجيلها، ولم يغلق الباب، بل فتحت قنوات موازية عسكرية ودبلوماسية، هدأت فيها بكين من مخاوف واشنطن وطالبت بتعامل بهدوء ومهنية، ورغم ان واشنطن تعلم ان التكنولوجيا الصينية بهذا المنطاد أقل كفاءة مما تملكه الصين فعلا، الإ أن البيت الأبيض اختار تسييس تحليق منطاد، ليس الأول ولا الأخير، ليس فقط في أمريكا، بل في خمس قارات من العالم، تحلق فيها مناطيد صينية.
لكن لماذا اختارت أمريكا إسقاط المنطاد بصاروخ حوله إلى مظلة بيضاء تتداعي الى قاع المحيط محملة بخزينة بيانات وألواح شمسية ورادارات وكاميرات؟
بمجرد إعلان البيت الأبيض وجود منطاد فوق التراب الوطني الأمريكي، ضغط الجمهوريون المسيطرون علي مجلس النواب واتهموا بايدن وإدارته بالضعف، كما ظهرت موجات غضب وتساؤلات ضاغطة من الرأي العام حول مدى قدرة الحزب الديمقراطي على حماية الأمن القومي للبلاد، وأن الادارة الحالية متهاونة.
أراد بايدن بصاروخ مزق وفجر بالونا بحجم ثلاثة اتوبيسات طائرة في الجو، أن يبعث برسالة قوة إلى بكين التى تصنفها العقيدة العسكرية الأمريكية بالعدو رقم واحد، تليها روسيا!
تلقت الصين الرسالة وتعجبت من فرط القوة المستخدمة في التعامل مع بالون يحلق خارج المجال التجاري للطيران المدني، بل خارج المجال المحدد للطيران الحربي، المدني على ارتفاع ١٢كيلومترا، والحربي علي ارتفاع ٢٠كيلومترا، يعني هنالك فارق ومسافة أربعة كيلومترات بين ارتفاع المنطاد ووجود أي طيران عسكري أمريكي.
احتجت بكين واعتبرت الإجراء العسكري انتهاكا للقانون الدولي ومبالغة بلا مبرر، ووعدت باجراءات مماثلة، وربما يفتح التصعيد فيها السطر الأول في فصل دولي شديد الدموية! يبقي: لماذا لم تقم واشنطن بإنزال المنطاد سلميا والاستحواذ عليه سليما، بدلا من تفجيره، ولا نظن أنها تعدم وسائل ذلك؟
هل كانت بحاجة إلى استعراض من النوع الرخيص؟ كانت بحاجة!
نتابع ونرصد، الكتاب ما يزال مفتوحا…