الأخوة الإنسانية.. لعالم أكثر أمنًا
ماذا جنت البشرية من الحروب والصراعات غير الأحقاد والكراهية وانعدام الأمن وتفشي الوباء والغلاء والتعاسة.. ماذا فعلت الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة ولا سيما مجلس الأمن للإنسانية.. هل أصلحت ما أفسدته الأطماع والغرائز والشهوات؟ هل آخت بين الإنسان وأخيه الإنسان أيا كان لونه أو جنسه أو عرقه أو دينه؟ وهل منعت الحروب والاضهاد العرقي أو الديني حول العالم؟
وماذا جنت البشرية من سعيها المحموم نحو الهيمنة والسيطرة والمادة ومطامع النفوذ والثروة غير الشقاء والتعاسة.. هل تحقق الأمن والسلم العالمي.. أم باتت الإنسانية تئن تحت وطأة الصراعات والحروب وتجرع ملايين الفقراء آلام الجوع والمرض والتشرد؟
وإذا كان كذلك فلا أقل من أن تستجيب البشرية لنداء الضمير الإنساني والإيماني الذي اهتدى إلى صياغة وثيقة الأخوة الإنسانية التي تبناها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان؛ وهي الوثيقة التي ولدت من رحم ما يجتاح المجتمعات البشرية في الشرق والغرب من موجات قلق وتوتر، وصراع وتعصب وكراهية، وازدراء الإنسان لأخيه الإنسان إذا ما اختلف عنه ثقافة أو دينا أو لونا أو عنصرا.
والحروب التي بدأت تدور رحاها بين شعوب ودول كبرى وصغرى، وغيرها من التحديات الإنسانية التي تستلزم وقفة دولية لاستنقاذ هذا الكوكب من براثن الدمار المحدق بسبب الحروب تارة والتغيرات المناخية والكوارث البيئية تارة أخرى.
وثيقة الأخوة الإنسانية
الإمام الأكبر، قال خلال كلمته أمس باحتفالية اليوم الدولي للأخوة الإنسانية، إن وثيقة الأخوة الإنسانية ما تزال، وستظل، تمثل بادرة أمل - للخروج من الأزمة الإنسانية، التي يمر بها عالمنا اليوم، وذلك لما تتضمنه من التذكير بضرورة العودة إلى رحاب الإيمان بالله، وتعاليم الأديان التي حملها الرسل والأنبياء إلى البشرية جميعا، والتي تدور على معنى التسامح والتعايش والسلام، والتأكيد على أهمية الحوار بين الأديان، وانفتاح الثقافات وتلاقحها، وذلك في سياق إنساني بحت يرسخ حق الاختلاف على مستوى الفرد في سياق مصلحة الإنسان، وحقه في العيش الكريم الآمن.
أضم صوتي إلى صوت الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وكل محب للسلام وراغب في تحقيق التسامح والأمن في عالم اليوم لوضع وثيقة الإخوة الإنسانية موضع البحث والتأمل والنقد، في المدارس والجامعات والمنظمات التربوية والسياسية الإقليمية منها والدولية، وحين تقترب من دوائر اتخاذ القرار، بحسبانها أحد أدوات الدبلوماسية الحديثة، وحين يتحمل ممثلو الأديان ورموزها وعلمائها ورجالها مسؤوليتهم الخلقية والتاريخية في تعزيز السلم والأخوة والتعايش بين الناس.. نصبح إزاءعالم أكثر استقرارًا وأمنا وازدهارًا ومحبة.
فما خلق الإنسان إلا ليتعارف على أخيه الإنسان ليعمروا الأرض ويتعاونوا على الخير يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"(الحجرات: 13).
