إنها مصر
أهم وأبرز ما لفت الانتباه البصرى في بطولة كأس العالم للأندية التى يشارك فيها النادى الأهلى هو احتشاد الجماهير المغربية لتشجيع فريق النادي الأهلي.. وقد فسر معلقينا الرياضيين ذلك بأنه نوع من رد الجميل لتأييد ودعم المصريين للمنتخب المغربى في المونديال!
وربما يكون ذلك صحيحا لكنه ليس السبب الأهم لدعم المغاربةَ الكبير للأهلي والذى تخطى حدود المجاملة أو رد الجميل، وهو ما ظهر في التشجيع الحماسي جدا لفريق النادي الأهلي في أرض الملعب.
السبب الأهم في تقديري أن النادى الأهلي هو ناد مصري أساسا، ومصر لها مكانة خاصة لدى الشعوب العربية ومن بينها بالطبع الشعب المغربى.. وهذا أمر يمكن أن نلمسه نحن المصريين في تعاملنا المباشر مع الشعوب العربية حتى وإن كان بينها أفراد لا يقدرون هذه المكانة وينطقون أحيانا بما يُغضبنا أو يجرحنا.
وهذه المكانة الخاصة لمصر لدى الشعوب العربية تكونت عبر سنوات طويلة من خلال تقديم مصر عبر الثقافة والفن والفكر والأدب نموذجا يحتذى ونمطا للحياة أثار إعجاب الشعوب العربية وتطلعت لمحاكاته.. إن من زار البلاد العربية خاصة في دول شمال إفريقيا سوف يجد أن أهلها يطربون للمعنيين المصريين ويعجبون بالممثلين المصريين ويتأثرون بالمفكرين والكتاب المصريين ويصفقون أيضا للرياضيين المصريين.
وكبار السن فينا يتذكرون كيف استقبلت أم كلثوم كملكة متوجة في الدول العربية، وكيف كان عبدالحليم حافظ يلقى ترحيبا خاصا حتى من ملك المغرب حينما يذهب لها ليغنى لأهلها، وكيف أتقن العرب اللهجة المصرية من متابعة ومشاهدة المسلسلات والأفلام المصرية.
وهكذا المكانة المصرية لدى الشعوب العربية لم تتكون من خلال هيمنة سياسية أو تدخل في الشئون الداخلية لبلادهم أو بالتدخل العسكرى، وإنما تكونت حضاريا بعد أن صرنا نموذجا يحتذى لهذه الشعوب في الحياة.. ولكى نحافظ على هذه المكانة يتعين أن نحافظ على أن تكون مصرنا دوما هذا النموذج الذى يتطلع الجميع لمحاكاته.
