ماذا لو.. في حرب تكسير العظام؟
لا أبالغ إذا قلت أن العالم يواجه الآن حرب البقاء والوجود.. وإذا انتصرت أدوات الحرب الدائرة الآن -بعيدا عن الاتفاقات التفاوضية- وهي بمثابة حرب عالمية ثالثة ستكون الحرب القادمة أقصد الرابعة لمن كتب له البقاء ستكون بالعصى والحجارة كما بدأت أول مرة في تاريخ البشرية كما يقول بعض المفكرين.
البعض يقول أن الربيع القادم والذى يأتي بعد أسابيع سيكون الموعد المحتوم.. إما سنعيش منهكين لسنوات أو ننتقل إلى العالم الآخر ليأتي من بعدنا من يبدأ من مرحلة العصر الحجرى؟! فالمواجهة الآن بين من يريد الاستمرار وحده على عرش السيطرة أو العائد إليها أو من يدشن لنفسه مكانا في صدارة الزعامة.. والمشكلة الكبرى تكمن للمليارات من البشر الذين لا ناقة لهم ولا جمل فهم الذين يدفعون الثمن.
نعم هذه الحرب لم تكن الأولى ولكن سبقتها وبتدبير دقيق حروب الكساد والتضخم وضرب البورصات وآخرها الاثنين الأسود لسرقة أموال النفط من هنا وهناك، ثم كورونا وقبلها وبعدها الكثير من الحروب البيولوجية بفيروساتها وأوبئتها وأمراضها واخفاء العلاجات المكتشفة لصالح مافيا الأدوية.. بعض من هذا فضحته الحرب الروسية الأوكرانية. والباقى دائر في الخفاء وليس بغائب..
حرب من أجل الدولار
ومن نتائج الحرب الروسية الأوكرانية التي يشعر بها مليارات البشر الآن حرب تكسير العظام في الاقتصاد وتدور رحاها في العالم كله.. والعملة في المقدمة والسيد "دولار الكاوبوي الأمريكي" هو قائد المعركة.. يصارع كل عملات العالم، ليس من أجل الاستمرار في القيادة والصدارة ولكن من أجل القضاء على كل العملات الأخرى من اليورو والين الياباني واليوان الصيني والجنيه الإسترليني البريطاني والفرنك السويسري.. الخ
ولم يكتف الجبروت الدولارى عند هذا الحد فلا بد من القضاء نهائيا على عملات دول العالم الثالث خاصة التي تحاول النهوض والبحث عن مكان لها حتى ولو كان مجرد موضع قدم في سوق الاقتصاد والتنمية. والسؤال الذى يحير البعض ووفقا لبيانات موقع "ستاتيستا" المتخصص في الإحصاءات عام 2020، لماذ يتراجع الاحتياطي الأمريكي من الدولار إلى 628 مليار (المرتبة الخامسة عالميا) وهل واشنطن لا تستطيع ان ترفع الاحتياطي لها وتتحول من أكبر مدين إلى أكبر دائن وهى التي تملك الإصدار النقدي للدولار وبلا غطاء من الذهب كما كان يحدث في الماضى؟
الإجابة تستطيع طبعا ولكن لماذا لا تستنزف العالم بعملتها وتلك حكاية أخرى، وأعتقد أن الحرب القادمة ستكون ضد الصين، وجر اليابان إلى عالم التسليح بملياراته للإنفاق العسكرى بعد أن ظلت منذ الحرب العالمية ممنوعة من القوة العسكرية وعندما حولت الحظر إلى قوة اقتصادية جعلت الاحتياطي النقدى لها حوالى ضعف الاقتصاد الأمريكى لذا فإن الكاوبوى يخطط لجرها إلى آتون الأزمات..
ولم يكن الهدف من حرب تكسير العظام للأعداء الحاليين أو المحتملين، لكن حتى الأصدقاء والحلفاء، أقصد أوروبا نفسها التي تملك رصيدا يفوق ضعف الاقتصاد الأمريكي.. يعنى هي الحرب من أجل مصالح الكاوبوى فقط.
وطبعا في صراع الكبار تدفع دول العالم الثالث من قوتها اليومى للصمود والاستمرار ولكن الهدف الأكبر هو لا يتوقف عند هذا الحد بل هو الضغط حتى الانفجار والتفاقم للتحول إلى ثورات الجياع هنا وهناك وبالتالي سيتحول العالم إلى فوضى كبرى، فتتهاوى الأنظمة وتتفتت الكيانات حتى يكون الكاوبوى وحده على الساحة!
الصوامع الجديدة للقمح
في مصر كيف قرأنا الأزمة قبل وقوعها وماذا أعددنا لها؟
تنبهت القيادة السياسية والحكومة لهذه الأزمة مبكرا فبدأت الحكومة في إنشاء المشروع القومي للصوامع منذ سنوات، حيث تم إنشاء 50 صومعة لتخزين القمح والغلال في 17 محافظة وبطاقة تخزينية تصل إلى 1,5 مليون طن، بالاضافة إلى 70 صومعة موجودة بالفعل، يعنى مضاعفة الموجود تقريبا لزيادة السعة التخزينية إلى ما يقرب من 3.6 مليون طن مع التوسع في إنشاء صوامع جديدة، والهدف واضح طبعا زيادة مخزون القمح لأكثر من 6 أشهر.
فالمسألة ليست في زيادة المخزون فحسب ولكن المطلوب زيادته أيضا تقليل الفاقد من التخزين والذى كان يصل إلى أكثر من 15% في الشؤون التقليدية. والسؤال لو لم نبدأ في هذا المشروع منذ سنوات وتم التخزين فيه.. فماذا سيكون مصيرنا بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف الواردات لشهور.. ألم نكن كلنا ضحايا وشهداء طوابير الخبز؟!
وللحيث بقية
yousrielsaid@yahoo.com