ألا فتعرضوا لها
كم عصينا الله تعالى.. وكم غفلنا عن ذكره وشكره سبحانه وتعالى.. وكم قصرنا في طاعته عز وجل.. وكم غلبت علينا شهوات الأنفس وتحكمت فينا الأهواء وإنقادنا خلف دنيانا الفانية وأتبعنا خطوات الشيطان. وتعالت أصواتنا.. وكم وكم وكم.. وبالرغم من ذلك كله إلا أن الله تعالى الرحمن الرحيم الرؤوف بالعباد لم يقنط أحدا من عباده من رحمته فبسط لهم يده بالليل ليتوب مسيئ النهار وبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل. وفتح لهم باب التوبة الذى لا يغلق إلى يوم القيامة.
ولقد كان من رحمة الله تعالى بالعباد أن جعل لهم في أيام دهرهم مواقيت مباركة كلها نفحات "أي رحمات كلها مغفرة وعفو ورحمة وفضل وتجليات وعطاءات وفيوضات ربانية "، أشار إليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله بقوله "ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها".
ومن هذه الأيام أيام شهر رجب المبارك وهو من الأشهر الحرم وهو شهر الله تعالى كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال "رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي". لذا وجب على المؤمن الذي يبتغى وجه الله تعالى ويتطلع لفضله أن يغتنم هذه الأيام المباركة بالرجوع إلى الله تعالى والصلح معه سبحانه وفتح صفحة جديدة عنوانها..
التوبة بصدق والصلح مع ربه تعالى ومولاه والأنابة إليه وملازمة الإستقامة وذكر الله عز وجل وإتباع هدي الهادي البشير السراج المنير النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله والإجتهاد في الأعمال الصالحة المقربة إلى الله تعالى من أعمال البر والمعروف والإحسان..
هذا والتعرض لهذه النفحات يكون بالقلب والقالب. والتعرض معناه الإقبال.. أحبتي في الله أيام كريمة مباركة كلها رحمات وعطاءات فلا تنسوا نصيبكم منها واغتنامها فاليوم الذي يمضى ويرحل لا يعود ولا يدري أحدنا أهو من أهل الغد أم لا..
وقد جاء في الأثر (إجعلوا أعمالكم كلها خيرا فإن الموت يأتي بغتة).. (وحاسبوا أنفسكم من قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم من قبل أن توزن عليكم فالدنيا عمل بلا حساب والآخرة حساب بلا عمل).. والعاقل من كان نفسه وبادر بالصلح مع ربه تعالى.. وفقني الله وإياكم لما فيه من الخير وصالح الأعمال وفتح لنا باب الطاعة والقبول وكل عام وأنتم بخير.