لله الأمر من قبل ومن بعد
أمرنا الله تعالى أن نأخذ بالأسباب ونجتهد فيها وأن نعلق قلوبنا به عز وجل ومن المعلوم لدى أهل الإيمان أن الأسباب لا تعمل بذاتها بل تعمل بمسبب الأسباب سبحانه وتعالى، فهو الفعال فيها والمُفعل لها وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: "خذوا بالأسباب وإتكلوا على مسبب الأسباب"، وعنه أيضا "اعقلها وتوكل". أي، توكل على الله عز وجل.
هذا وإذا نظرنا بتعقل فيما تمر به البلاد من ضيق في العيش وما يعانيه المواطنين بسبب تبعات الإصلاح الاقتصادي والتطوير في جميع مدن ومحافظات مصر في آن واحد. بالإضافة إلى آثار تلك الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا. مع قلة الموارد نتيجة تأخرنا في مجالات الزراعة والصناعة، مع قلة التصدير وكثرة الإستيراد بالدولار الذي أصبح يساوي قرابة الثلاثون جنيهًا مصريًا، وعلى أثر كل ذلك يعاني الغالبية العظمى من شعبنا من الإرتفاع الجنوني في أسعارالسلع والخدمات..
بالأضافة إلى جشع التجار وغياب الرقابة على الأسواق وعدم المحاسبة.. كل ذلك أسباب في الظاهر وكلنا يعلمها، ولكن غاب عن الكثيرين منا أننا في عقوبة من الله تعالى مقدر الأرزاق ومقسمها. إذ أننا فارقنا حظيرة الإيمان واغلقنا باب تقوى الله عز وجل القائل: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"..
كتاب الله وسنة النبى الكريم
وغاب عنا ان ترك كتاب الله تعالى ونبذه من وراء الظهور وهجر هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وإتباع الأهواء والشهوات، أدى إلى ظهور الفساد في الأرض، وبذلك أصبحنا مستحقين للعقوبة. وصدق الله تعالى إذ قال: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"..
هذا ولقد أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله عن تلك المصائب والبلايا التي تحيط بها من كل جانب وأخبر عن أسبابها. وذلك في قوله: "يا معشر المهاجرين.. خصال خمس إذا نزلن بكم وأعوذ بالله أن تدركوهن.. لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم.. ولا إنتقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ( أي بالغلاء والشدة والجدب).. ولم يمنعوا زكاة اموالهم إلا ومنعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم تمطروا.. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم.. وما لم يحكم أئمتهم بما أنزل الله عز وجل إلا جعل الله بأسهم بينهم".
عزيزي القارئ كل ذلك حادث وواقع فلا لوم على حاكم ولا وقوف عند الأسباب في الظاهر بل يجب أن نلوم أنفسنا ونحن بحق نستحق أكثر من هذا البلاء الذي نعانيه.. هذا وإن أردنا بحق أن نخرج مما نحن فيه من المعاناة والغلاء والمحن والشدة فعلينا بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله..
وعلينا أن نتقي الله عز وجل حتى يجعل لنا مخرجا مما نحن فيه والله تعالى قد وعد ووعد الحق حق حيث يقول سبحانه وتعالى " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"، وعلينا بكثرة الإستغفار والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله.. ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب".