أغنياء وفقراء!
ليس جديدا فى بلدنا أن يتبنى أحد الأغنياء مطالب الفقراء كما يحرص الآن بعض الاعلاميين على الظهور بذلك على الشاشات الصغيرة. فان تاريخنا حافل بنماذج عديدة من أبناء الطبقات الغنية تبنت مطالب الفقراء ودافعت عنهم بكل قوة.. ولعل ابرزهم في عصرنا الحديث المهندس ابراهيم شكرى إبن الباشا الذى تقدم عام 1950 بقانون للإصلاح الزراعى وضع سقف لملكية الاراض الزراعية لا يتجاوز خمسين فدانا..
ونبيل الهلالي إبن آخر رئيس للوزراء فى العهد الملكى الذى كرس جل جهده للدفاع عن حقوق العمال والفلاحين وعن المعتقلين، والدكتور اسماعيل صبرى عبدالله إبن أحد أعيان الصعيد الذى تبنى الفكر الاشتراكى وانخرط فى النشاط اليسارى التنظيمى وإنحاز لانصاف الفقراء.
لكن هؤلاء وغيرهم كثير من الأغنياء الذين إنحازوا للفقراء وعبروا عن مطالبهم ودافعوا عن حقوقهم في الحياة الكريمة التى تتوف فيها الاحتياجات الاساسية للإنسان لم يكتفوا بمجرد الكلام فقط وإنما قرنوا ذلك بالمواقف العملية.. فالمهندس ابراهيم شكرى حينما دعا للإصلاح الزراعى ووضع سقف للملكية الزراعية فعل ذلك وأسرته من كبار الملاك..
ونبيل الهلالي حينما دافع عن حقوق العمال والفلاحين فعل ذلك متطوعا ومجانا وقبلها تنازل عن ميراثه. وإسماعيل صبرى عبدالله حينما إنحاز للفقراء ضحى بحريته وعرض نفسه للاعتقال مثلما فعل نبيل الهلالي أيضا..
أما الاعلاميين الذين امتشقوا مؤخرا جواد الدفاع عن الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة فهم اكتفوا بالكلام فقط دون أن يترجموا انحيازاتهم لمواقف عملية أقلها وأبسطها المساهمة في تقديم بعض التبرعات، خاصة وإنهم يحوزون دخولا كبيرة تتيح لهم التبرع دون عناء حتى في حملات التبرع التى ينظمونها على الهواء!
خلاصة القول إن الانحياز ل الفقراء من قبل الأغنياء لا يكون بمجرد الكلام فقط وإنما إن كان انحيازا صادقا يتعين أن يترجم في مواقف واضحة كما فعل من انحازوا حقا وصدقا إلى الفقراء.