مزمور 23 رسالة العام الجديد
بالأمس ونحن نودع عام 2022 بكل ما فيه من ذكريات مؤلمة أو صعبة، ونستقبل عام 2023 وكلنا رجاء وقلوب مرفوعة نحو الله بالإيمان ننتظر عمل يديه في قلوبنا قبل عمل يديه في العام، وخصوصًا أن سنة 2022 كانت عامًا ثقيلًا على العالم أجمع من عملية عسكرية في أوكرانيا، وانهيار اقتصادي شهدته جميع دول العالم فضلا عن الكثير من الأحداث المجتمعية أو الشخصية في حياة كل شخص منا.
فاجأني الكارز الجميل وخادم الرب دكتور زكريا استاورو الذى أحظى بصداقته عن قرب منذ ثلاثة أعوام تقريبًا منذ عودتي إلى مصر أثناء أزمة كورونا في بداياتها عندما صلى من أجلي أن تكون سنة 2023 كمزمور داؤد النبي الذي يحمل نفس الرقم والملقب بمزمور الراعي.
فوجدت أنه ربما أجمل ما نبدأ به عام 2023 سويًا هو التأمل في ذلك المزمور العجيب الذي ربما حفظناه جميعًا منذ أن كنا في الصف الأول الإبتدائي عندما كان يُدرس لنا في منهج التربية الدينية المسيحية في المدارس، وكان ربما أول مزمور يحفظه أي طفل بعد المزمور الأول طوبى للرجل الذي كنا نحفظه في التربية الكنسية أو مدارس الأحد بالكنائس عندما كنا صغارًا لنصلي به صلاة باكر كل يوم في الصباح.
رحلة حب مع الله
المزمور يجسد رحلة حب نعيشها مع الله وأتمنى أن نراها جميعًا في كل يوم من أيام السنة الجديدة بل وكل أيام حياتنا وليست فقط أيام 2023، فالله كما يقول الكتاب "هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" وكذلك كلامه أيضًا يشهد الله عنه إن السماء ربما تزول هي والأرض ولكن كلماته الحية لا تزول عبر الأزمان.
فالله هو الراعي الذي يرعانا منذ أن كنا أطفالًا وحتى لحظة مشيخنا، ولا يتخلى عنا، وكما يرشد الراعي الصالح الخراف إلى المراعي الخضراء حيث الطعام والشراب، ترشدنا يد الله القديرة نحو الخير ونحو الفيض الغامر من الخيرات التي لا نهاية لها وكما قال عنه أيضاُ داؤد في نفس المزمور "لا يعوزني شيء"، أي يعطينا كل ما نحتاجه وربما أكثر مما نتمناه.
يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه، أي لا يضع نفسي تضل أو تحيد عن الطريق الصحيح، ولا يسمح أيضًا أن تقع نفسي تحت حيرة التفكير والخوف من المستقبل، بل يمهد الطريق أمامي ويرشد قلبي الصغير الحائر نحو الطريق الصحيح، وليس لكوني بار في عينيه أو لأنني أحيا كقلبه كما قال الكتاب المقدس عن داؤد، ولكن من أجل اسمه القدوس، ومن أجل محبته التي لا تفرغ.
يقول أيضًا داؤد في المزمور إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا، لأنك أنت معي، وربما ما يجعل القلب يطمئن عندما يرى الضيقات تشتد أو كما قال الشاعر "شر مبرم" نجد أن المسيح عندما جاء إلى أرضنا منحنا وعدًا عظيمًا يطمئن قلوبنا، وهو "ثقوا أنا قد غلبت العالم"، بمعنى أن حتى ضاقت علينا الحياة وصرنا نشعر بالخوف أحيانًا سيكون الله موجودًا وسيدبر الأمر ككل مرة بطريقة تجعل القلب عاجز عن التعبير أو عن شكر فيض محبته.
وقال أيضًا داؤد في نفس المزمور عن الراعي "مسحت بالدهن رأسي"، أي اختاره الراعي حملًا لنفسه ودهنه ليميزه ويجعله خروفًا مختلفًا عن باقي الخراف، وكذلك نحن أيضًا المؤمنين، نعرف أن الله اختارنا في تلك الحياة من أجل رسالة هامة ومميزة ودور لا يستطيع أي أحد أن يقوم به غيرنا، بل منذ أن كنا في أرحام أمهاتنا وهو يعد لنا مسبقًا خطة عظيمة من أجل حياتنا.
وإختتم داؤد مزموره الثالث والعشرون بـ"إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي، وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام"، صلاتي من أجلك يا صديقي العزيز، أن ترى الخير في كل أيام حياتك وأن ترى الرحمة تسود على قلبك وعلى كل شيء تمر به في حياتك، وتدرك بأن لله رحمة في كل شيء تراه، وفي كل شيء تحرم منه..
فأحيانًا يمنع الله عنك ما تمنيته فقط ليرحمك من شر لا تدركه أنت ولكن يعلمه الله.. وكل عام وأنتم محفوظين في نعمة الله وسلام الله يملك على قلوبكم وأذهانكم ويملأ بالخيرات كل أيامكم.