رئيس التحرير
عصام كامل

عام جديد وصلح مع الله

بعد أيام قليلة يمضي عام من أعمارنا وينطوي بكل ما كان يحمله من آمال وطموحات.. منها ما تحقق ومنها ما لم يتحقق. ومن طاعة وأحوال طيبة ومن معصية وغفلة. ومن شكر وجحود. ومن فرح وحزن. ومن صحة ومرض. ومن هم وفرج. ومن يأس وأمل.. 

أيام قليلة وتنطوي صفحات عام إنقضى بكل ما كان فيه ونستقبل عام جديد ولا يعلم أحدنا مدى بقاءه على ظهر الأرض فيه. أهو من الأحياء أم من الأموات الراحلين المفارقين للدنيا. كلنا نعلم بل نوقن بأننا راحلون عن هذه الدار ومفارقون لها وملاقون خالقنا وبارئنا سبحانه وتعالى في يوم يجمع الله تعالى فيه الناس للحساب وتقرير المصير الأبدي في دار الديمومية والخلود في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى قلب سليم. 

ولا يعلم أحدنا أهو من أهل السعادة أم من أهل الشقاء.. فهل لنا من وقفة بصدق مع أنفسنا وحسابها من قبل أن تحاسب. ومراجعتها قبل أن لا تملك لنفسها شيئا.. أحبتي في الله تعالى جاء في الأثر: "حاسبوا أنفسكم من قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم من قبل أن توزن عليكم فالدنيا عمل بلا حساب والآخرة حساب بلا عمل ". 

وقفة مع النفس

فلنقف مع أنفسنا وقفة بصدق ولنعمل لها كشف حساب فإن وجدنا أننا كنا قد ظلمنا أحد أو أساءنا إليه فلنرد له مظلمته بقدر الإمكان حتى نمحو ظلمات الظلم فإن للظلم ظلمات يوم القيامة ونعتذر له ونطلب منه المسامحة والصفح. 

 

وأما عن الظلم الذي لا نستطيع رده فلننب الله عز وجل عنا في رده عنا. وإن كنا قد وفقنا لطاعة الله تعالى وأحسنا فلنحمد الله تعالى ونشكره على ذلك ونقر له سبحانه بالفضل. وإن كنا قد غفلنا عن ذكره تعالى ووقعنا في معصيته وقصرنا في طاعته وذكره فلنتب إليه سبحانه ونستغفره وهو الغفور الرحيم الذي كتب على نفسه الرحمة وهو القائل "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ".

 

والقائل "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". هذا ولقد كان من رحمة الله بعباده كما أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله انه عز وجل يبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار..

وأنه تعالى ينادي كل ليلة في وقت السحر: “يا عبادي هل من تائب حتى أتوب عليه؟ هل من مستغفر حتى أغفر له؟ هل من مسترحم حتى أرحمه؟ هل من سائل حتى أعطيه؟”.. 

 

أحبتي في الله تعالى عام أوشك أن يمضى وينقضي وسوف نستقبل عام جديد فلنعقد النية على الصلح مع الله تعالى والرجوع إلى هدي سيد الأنام عليه وعلى آله الصلاة والسلام ولنعمل على إحياء سنته والتمسك بغرزه.. ونتوجه إلى الله تعالى مُنبين مُذعنين مُقرين بفضله معترفين بذنوبنا ومقرين بإساءتنا وتقصيرنا. ونرفع إليه عز وجل الأكف متضرعين سائلين إياه وندعوه كما أمرنا سبحانه وتعالى.

 

 

حيث قال تعالى "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ونعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ونسألك عفوك وتوبتك وغفرانك ورحمتك.. وأن تغفر لنا ما مضى وأن تحفظنا فيما بقى من أعمارنا وأن ترزقنا العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة. وأن لا تتوفنا إلا وأنت راض عنا وانت تتوفنا مسلمين وتلحقنا بالصالحين برحمتك يا أرحم الراحمين.. 

ونسألك أن تجعل بلادنا أمنا وأمانا وسلما وسلاما وسائر بلاد المسلمين وإن تحفظ رئيسنا وجيشنا وشرطتنا وأن تؤيده بتأيدك وتمدده بمددك.. اللهم آمين يارب العالمين.. عام جديد وكل عام وأنتم بخير..

الجريدة الرسمية