حكومة عشوائية منتهية الصلاحية
مؤلم جدًا ما يعانيه الشعب المصري في ظل حكومة كارثية أدمنت الفشل والإفك تمامًا كإدمانها الاقتراض وإغراق البلد في ديون يستغرق سدادها عشرات السنين في حال القدرة على السداد والالتزام به، حكومة حملت الشعب أوزار ما ادعت أنه إصلاح اقتصادي هيكلي لا يمكن تأجيله، وخلال ست سنوات تحمل الشعب ما لم يتحمله غيره من غلاء السلع والخدمات وجميع متطلباته الحياتية نتيجة تحرير سعر الصرف وانخفاض قيمة الجنيه ما أدى لتبخر مدخراته..
وأوهمت الحكومة الشعب بنجاح الإصلاح الاقتصادي وأن تضحياته لم تذهب سدى، حتى أن العالم يشيد بنتائج الإصلاح ويعتبره تجربة نموذجية تمكن الاقتصاد من امتصاص الصدمات كأي دولة ناجحة.
انتظر الشعب أن يلتقط أنفاسه ويرتاح قليلا من الغلاء الفاحش والجباية الحكومية التي لا تتوقف بعد الإدعاء بنجاح الإصلاح الاقتصادي، لكن الأمور ازدادت سوءا وضاق الحال أكثر على فئات الشعب كافة، ومع انكشاف الفشل وأكاذيب الاقتصاد المتين، تعاملت الحكومة كمن ورث مصر بمن عليها..
قرارات عشوائية
وتدنت لغة الحوار وتنصلت من تعهداتها السابقة للشعب وباتت تمن عليه بأقل القليل الذي توفره له، متجاهلة أن الشعب صاحب البلد ومصدر السلطات كلها، وأنها تعمل لديه وعليها خدمته وتوفير متطلباته ورفاهيته وإن لم تستطع فعليها الانسحاب وترك المسؤولية لغيرها.
أصرت الحكومة على إكمال واستحداث مشاريع من نوعية الأكبر والأعلى والأطول والأعرض، وهي لا تفيد إلا فئة بعينها ولا تعود على الشعب أو الاقتصاد إلا بمزيد من القروض والجباية، وبدلا من أن تتوسع في الصناعة والزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي ثم التصدير لتقليل اعتمادها على الدولار والاقتراض من العالم بشرقه وغربه..
أمعنت الحكومة في الإنفاق ببذخ على مشروعات لا تسمن ولا تغني من جوع، مع بيع أصول الدولة وممتلكات الشعب من موانئ وشركات ومصانع وممرات مائية وأراض وغيرها الكثير بأبخس الأثمان!
اتخذت الحكومة منتهية الصلاحية قرارات عشوائية زادت معاناة الشعب، وفي الوقت ذاته تركته فريسة للتجار وأسعار تزيد بشكل يومي رغم أنها من الأساس بين الأغلى في العالم، وأمام رفض دول الخليج إمدادها بأموال إضافية نتيجة سوء الإدارة وبذخ الإنفاق في غير مواضعه الصحيحة، اضطرت للإعلان عن أزمة مالية طاحنة أرجعتها إلى تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، لينكشف الكذب سريعًا ويعترف وزير المالية، بأن الأزمة كانت ستحدث في هذا التوقيت في وجود حرب أو عدم وجودها.
حكومة منتهية الصلاحية
لجأت الحكومة ثانيا وثالثا إلى تحرير سعر الصرف مرة ثانية وثالثة وخفض قيمة الجنيه ليصبح العملة الأكثر تراجعًا في العالم، ومثار تندر وسخرية الجميع بمن فيهم النطيحة والمتردية في أشباه الدول.
هرعت حكومة الجباية إلى صندوق النقد، لكي ينقذها بقرض جديد وبعد مفاوضات مريرة، وافق الصندوق على قرض صغير أقل من ربع ما طلبته الحكومة في مصر، على أن يقنع الصندوق شركاء آخرين لإقراض حكومتنا.
هكذا أوصلتنا الحكومة منتهية الصلاحية إلى هذا المنحدر، وأصبحت البلد تعيش على القروض والديون، ويرفض أصحاب المال إقراضها، أما المؤسف والمحزن فجاء في لغة بيان صندوق النقد الدولي، وهو ما لم تشر إليه الحكومة..
إذ جاء فيه إن "صندوق النقد يتحفظ على أسلوب إنفاق الحكومة، وإن التعويم الكامل للجنيه شرط أساسي، ولابد من الاستمرار في بيع أصول الدولة وتمهيد الساحة الاقتصادية والمشاريع أمام الجميع بالتساوي وألا تكون المشاريع حكرًا على أحد".
لم يكتف الصندوق بذلك بل أضاف ما هو أشد ألمًا وإحباطًا بأن "الصندوق وشركاء مصر سيلعبون دورا حاسما في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة"، بمعنى أنهم سيتدخلون في شؤون البلد بطرق عدة ما يمكن اعتباره وصاية عليها وتأكيد على فشل الحكومة وعدم الثقة في أدائها.
الغريب أن الحكومة لم تخجل من بيان صندوق النقد، واعتبرت الموافقة على قرض جديد شهادة ثقة، ورأى من يعملون معها أن الموافقة على القرض من إنجازات الحكومة، متجاهلين أن مجرد اللجوء إلى الاقتراض مرة بعد أخرى بحد ذاته أكبر دليل على الفشل والعجز عن تدبير أمور الدولة.