حلف الناتو يستعد لـ"الحرب السيبرانية"
فيما تتأرجح أزمة أوكرانيا التي اندلعت قبل قرابة 10 أشهر على حافة الهاوية دون مؤشرات للسلام بات حلف الناتو يستعد لجولة جديدة من "الحرب".
تلك الجولة الجديدة، عنوانها "الحرب السيبرانية"، التي لم تعد أقل ضراوة من تلك التي تتخذ من الميدان مسرحًا لها؛ كونها تتخذ من البنى التحتية الحيوية مثل شبكات الطاقة والسفن هدفًا لها، مما يجعل الحياة "أكثر صعوبة".
أسباب جعلت من الاستعداد للحرب السيبرانية، أمرًا أكثر أهمية وحيوية من ذي قبل، بحسب صحيفة "بوليتيكو"، التي قالت إن الحرب الإلكترونية، باتت سيناريو واقعيًا للغاية بالنسبة للدول الأعضاء في الناتو وحلفائهم منذ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتي بدأت في فبراير الماضي.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن الصراع في أوكرانيا أجبر حلف الناتو على بذل جهود للدفاع ضد الهجمات الصاروخية والجهود المستمرة التي يبذلها "المتسللون الروس"، بهدف إطفاء الأنوار وجعل الحياة أكثر صعوبة على جيرانهم المحاصرين.
"هناك مستوى من الجدية المضافة. لم يعد الأمر خياليًّا بعد الآن"، يقول الكولونيل بيرند هانسن، رئيس فرع الفضاء الإلكتروني في قيادة حلف الناتو للتحول، عن تأثير الصراع في أوكرانيا، مضيفًا: "لقد أصبح من الواضح تمامًا أن هذه الأشياء تحدث في الواقع".
وتراقب القوات الإلكترونية التابعة لحلف الناتو الحرب في أوكرانيا من كثب، لإيجاد طرق لمساعدة كييف، ومعرفة كيفية "جعل الأمر أكثر صعوبة" بالنسبة لروسيا و"الأعداء الآخرين" لاختراق البنية التحتية في الدول الأعضاء في الناتو وحلفائهم، بحسب "بوليتيكو".
"الناتو" يستعد
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن الصراع أضاف إلحاحًا على التمرين الإلكتروني السنوي لحلف الناتو، مشيرة إلى أن أكثر من 40 دولة عضو وحلفاء ومنظمات أخرى تعمل معًا للرد على الهجمات الإلكترونية المحاكية والتعافي منها على البنى التحتية الحيوية مثل شبكات الطاقة والسفن.
إلا أن التمرين لم يقتصر على الدول الأربعين فحسب؛ بل إنه امتد إلى جميع أنحاء العالم، حيث شارك ما يقرب من 1000 متخصص في مجال الإنترنت عن بُعد من بلدانهم الأصلية.
وتقول "بوليتيكو"، إن مسؤولي الأمن السيبراني والخبراء الفنيين جاؤوا هذا العام إلى تالين حيث مقر الاجتماع، من أوروبا والولايات المتحدة ومن أماكن بعيدة مثل اليابان للرد على الهجمات الإلكترونية ضد جزيرة Icebergen، الواقعة في مكان ما بين أيسلندا والنرويج.
وفي 28 نوفمبر الماضي، شن قراصنة هجومًا رقميًّا على الجزيرة في محاولة لسرقة المعلومات الاستخباراتية والملكية الفكرية، وتعطيل الخدمات الحكومية، وتعطيل شبكة الكهرباء.
كان هناك ما يقرب من 150 فردًا في الموقع لحضور الحدث، وهو ضعف العدد الذين قاموا بالرحلة العام الماضي، فيما كان لدى القيادة الإلكترونية الأمريكية والقيادة الأوروبية الأمريكية حوالي 50 شخصًا يشاركون بشكل شخصي أو عن بُعد.
إلحاح جديد
وقال إليوت إنه "من الممكن بالتأكيد" أن يكون للصراع في أوكرانيا علاقة بالارتفاع المفاجئ في الحضور، لكنه رفض أن يعزو ذلك مباشرة إلى ذلك. وعلى الرغم من مشاركة أوكرانيا في السنوات السابقة، إلا أنها لم تشارك هذا العام "لأن المسؤولين هناك مشغولون جدًا بالدفاع عن شبكاتهم من وابل من الهجمات الروسية - بما في ذلك على محطات الكهرباء الفرعية الرئيسية"، بحسب "بوليتيكو".
ولقد أضافت الحرب في أوكرانيا إلحاحًا جديدًا على الأسئلة حول كيفية رد الناتو على هجوم إلكتروني على دولة عضو كبيرة بما يكفي لاستدعاء المادة 5، التي تصف الهجوم على أي دولة عضو بأنه هجوم ضد الجميع.
ونظرت حكومة ألبانيا في طلب استخدامها في وقت سابق من هذا العام بعد هجوم واسع النطاق على شبكات البلاد من قبل إيران.
ومما يزيد الأمور تعقيدًا مدى تعرض الشبكات الحساسة في دول الناتو للهجمات الإلكترونية، بحسب "بوليتيكو"، التي قالت إنه يمكن أن يمتد هذا النوع من العمليات المعقدة إلى زرع البرامج الضارة في تحديثات البرامج إلى هجمات برامج الفدية الأكثر شيوعًا.
وفي إشارة إلى كيف أصبحت الضربات الإلكترونية المتشابكة بشكل متزايد مع الحرب التقليدية، نسقت روسيا الضربات الصاروخية في أوكرانيا بهجمات إلكترونية لتكثيف "بؤس المدنيين" على الأرض.
سيناريوهات ودروس
ويقول ديفيد كاتلر، مساعد الأمين العام لحلف الناتو للاستخبارات والأمن: "لا يزال الإنترنت عمومًا منطقة أعتبر أنها تفضل المهاجم أكثر من المدافع، وآمل أن نتمكن من تغيير الديناميكية، لكننا لم نصل إلى هذا الحد بعد".
وقال المسؤولون إنهم أدرجوا سيناريوهات ودروسًا من الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الأوكرانية هذا العام، بما في ذلك شبكات الكهرباء.