محاكمة زعماء الثورة العرابية.. كيف تخلص الاحتلال من عرابي ورفاقه
في مثل هذا اليوم من عام 1882 بدء محاكمة زعماء الثورة العرابية التي قادها أحمد عرابي في فترة 1879-1882 ضد الخديوي توفيق والتدخل الأجنبي في مصر وسميت آنذاك هوجة عرابي.
الثورة العرابية.. نجاح أولي
في 9 سبتمبر 1881 وصلت الثورة العرابية إلى ذروتها حيث تحركت جميع الوحدات العسكرية المتمركزة في القاهرة إلى ميدان عابدين مع أحمد عرابي، بل شملت أيضًا مشاركة الشعب المصري بكل طوائفه نتيجة نمو الوعي القومي وسخط الشعب من سوء الأحوال الاقتصادية، ومعاملة رياض باشا القاسية للمصريين.
ووصل أحمد عرابي أمام قصر عابدين وخرج الخديوي توفيق ومعه القنصل البريطاني والمراقب المالي البريطاني وسط حرسه الخاص، وأعلن أحمد عرابي مطالب الثورة العرابية والجيش والشعب المصري للخديوي توفيق، وهي: عزل وزارة رياض باشا وإنشاء مجلس نواب على النسق الأوروبي، وزيادة عدد الجيش إلى 18 ألف جندي طبقًا للفرمان السلطاني.
رد الخديوي على مطالب الثورة العرابية قائلًا: «كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا» فرد عليه عرابي قائلًا «لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أو عقار فوالله الذي لا إله إلا هو لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم».
استجاب الخديوي لمطالب الأمة التي أعلنها قادة الثورة العرابية وعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة، وكان رجلًا كريمًا مشهودًا له بالوطنية والاستقامة، فألف وزارته في (19 شوال 1298 هـ الموافق 14 سبتمبر 1881م)، وكان محمود سامي البارودي وزيرًا للحربية بها، وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده.
محاكمة قادة الثورة العرابية
اشتعلت الصراعات بين قادة الثورة العرابية والإنجليز، واندلعت معارك انتهت بدخول الإنجليز مدينة القاهرة في 14 سبتمبر 1882 ووصل الخديوي لقصر عابدين في 25 سبتمبر 1882 وعقدت محاكمة لأحمد عرابي وبعض قادة الجيش في المعركة وبعض العلماء والأعيان.
كان قائد الثورة العرابية أحمد عرابي قد احتجز في ثكنات العباسية مع نائبهِ طلبة باشا حتى انعقدت محاكمته في 3 ديسمبر 1882 والتي قضت بإعدامه، وخفف الحكم بعد ذلك مباشرة بناء على اتفاق مسبق بين سلطة الاحتلال البريطاني والقضاة المصريين إلى النفي مدى الحياة إلى جزيرة سرنديب (جزيرة سيلان).
وانتقل السفير البريطاني لدى الباب العالي لورد دوفرن، إلى القاهرة كأول مندوب سامي - حيث أشرف على محاكمة قادة الثورة العرابية وخاصة أحمد عرابي، ونفاه الأسطول البريطاني مع زملائه عبد الله النديم ومحمود سامي البارودي إلى جزيرة سريلانكا (سيلان سابقًا) حيث استقروا بمدينة كولومبو لمدة 7 سنوات.
بعد ذلك نقل قائدا الثورة العرابية أحمد عرابي والبارودي إلى مدينة كاندي بذريعة خلافات دبت بين رفاق الثورة، أما من ساندوا عرابي أو قاتلوا معه أو حرضوا الجماهير على القتال من العلماء (مثل الشيخ محمد عبده) والعمد والأعيان فقد كان الحكم أولًا بقتل من أسموهم برؤس الفتنة من هؤلاء وعزل الباقين ثم خفف الحكم لعزل الجميع فعزلوا من مناصبهم وجردوا من نياشينهم وأوسمتهم ومنهم القائد العسكري إبراهيم فوز.