ارتفاع الأسعار بالعدوى!
ارتفاع الأسعار الذى تشهده أسواقنا منذ بداية هذا العام له سببان.. الأول هو التضخم العالمى الذى شمل كل السلع التى نستوردها وفى مقدمتها القمح والمنتجات البترولية.. والسبب الثانى انخفاض الجنيه بنسبة كبيرة هذا العام أيضا والذى ضاعفنا ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الخارج..
ومع ذلك فقد ارتفعت أسعار كل شىء من سلع وخدمات لدينا.. ولم يسلم من ارتفاع الأسعار السلع المنتجة محليا ويكفى ويفيض إنتاجها احتياجاتنا مثل الأرز، والخدمات المختلفة بجميع أنواعها ابتداء من خدمات السباكة والنجارة وحتى أسعار عيادات الأطباء واتعاب المحامين والمحاسبين.. حتى أسعار الدروس الخصوصية ارتفعت هى الأخرى!
وقد تعددت التبريرات لذلك مثل أنه لا يصح أن يرتفع سعر المكرونة ولا يرتفع سعر الأرز وهو بديل لها.. ومثل أن هناك من يسعى لتعويض النقص في دخله الحقيقى الناجم عن ارتفاع التضخم بزيادة أسعار ما يبيعه من سلع كما هو الحال فى الخضروات والفاكهة، أو ما يقدموه من خدمات كما هو شأن الحرفيين والمهنيين.. وكذلك مثل وجود محتكرين كبار يتحكمون في اسواقنا يتحكمون في تحديد أسعار السلع ويرون ان التضخم فرصة يتعين عليهم انتهازها لمضاعفة مكاسبهم وأرباحهم وزيادة ثرواتهم.
وكل ذلك صحيح ويؤكد أن التضخم ينتشر ويتزايد بالعدوى.. فعندما يصيب التضخم قطاع أو مجال أو عدد من السلع فانه سرعان ما تنتقل عدواه إلى القطاعات الأخرى في الاقتصاد.. وهذا يستتبع أن يكون علاج التضخم شاملا وليس جزئيا أو محدودا.. أى أن السيطرة على إرتفاع سعر الأرز وعلاج اختفاؤه من الأسواق لا يكفيه اتخاذ اجراءات خاصة بالأرز وأسعاره فقط، وإنما يقتضى الأمر اصلاحا لاوضاع السوق كله بتطهيره من الاحتكارات وانتهاج السياسات المالية والنقدية الناجحة لترشيد التضخم وكبح جماح زيادته.. أى يقتضى إصلاحا اقتصاديا شاملا.