بعد تفشي الكوليرا.. قصة 4 أمراض تهدد العالم
يوما بعد يوم تزداد مخاوف العالم من مسلسل انتشار الأمراض الذي بدأ في نهاية 2019 من مقاطعة ووهان بالصين وظهور فيروس كوفيد 19 ومتحوراته، فضلا عن إعلان حالة الطوارئ بشأن جدري القرود ووصولا بانتشار الكوليرا والسل في العديد من الدول.
جدري القرود
أعلنت لجنة الطوارئ التابعة لمنظمة الصحة العالمية، أن تفشي مرض "جدري القردة" يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا.
ووفقا لبيان اللجنة: "توصلت اللجنة إلى رأي جماعي بأن هذا الحدث (تفشي مرض جدري القردة) يستمر في تلبية معايير اللوائح الصحية الدولية لحالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا".
وتابعت: يشكل تفشي جدري القردة خطرا على المستوى الدولي ويتطلب إجراءات منسقة من البلدان للحد من تأثيره.
وبحسب ما ورد، وافق المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس على توصيات اللجنة.
ووفقا لأحدث بيانات لمنظمة الصحة العالمية، فقد تم تسجيل 77.2 ألف حالة إصابة بجدري القردة منذ بداية العام في 109 دول، وتوفي 36 شخصا بسبب الإصابة.
مرض السل
ومنذ أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية ارتفاع عدد المصابين بالسل، ويشمل النوع المقاوم للأدوية، لأول مرة منذ سنوات.
وفي تقرير نشرته المنظمة، قالت إن أكثر من 10 ملايين شخص حول العالم أصيبوا بالسل في 2021، بارتفاع 4.5 % عن العام الذي سبقه. وأضافت أن حوالي 1.6 مليون شخص توفوا بسببه.
وأوضحت الصحة العالمية أن 450 ألف حالة تضمنت أشخاصا أصيبوا بالمرض المقاوم للأدوية، بارتفاع 3 % عن 2020.
جائحة كورونا
وعطلت جائحة كورونا خدمات يحصل عليها المصابون بالسل وغيرها من البرامج الصحية الأخرى.
وقالت الصحة العالمية إن العديدين لم يشخص مرضهم، مشيرة إلى أن عدد المصابين حديثا بالسل تراجع من 7 ملايين في 2019 إلى 5.8 ملايين شخص في 2020.
وقال ميل سبيجلمان، رئيس جمعية السل غير الهادفة للربح، إن أكثر من عقد من التقدم ضاع في 2020.
وأضاف: "بالرغم من المكاسب في مجالات مثل الطب الوقائي، مازلنا متأخرين في كل تعهد وهدف بالنسبة للسل".
وبعد كوفيد-19، يعد السل المرض المعدي الأكثر فتكا في العالم. وتسببه بكتيريا عادة ما تصيب الرئتين. وينتشر المرض من شخص إلى آخر عبر الهواء، من خلال سعال أو عطس الفرد المصاب.
وعادة ما يصيب السل البالغين خاصة الذين يعانون من سوء التغذية أو من أمراض أخرى مثل نقص المناعة المكتسبة، وأكثر من 95 % من حالات السل في دول نامية.
ووفق تقرير المنظمة يتلقى واحد فقط من كل ثلاثة أشخاص مصابين بالسل المقاوم للأدوية، علاجا للمرض.
تفشي الكوليرا
من ناحية أخرى عاد الحديث عن مرض الكوليرا من جديد بعد أن شهد تفشيًا في عدد من الدول أبرزها لبنان وسوريا وهايتي، وسط مخاوف من الظهور بأعداد مرتفعة في العالم بسبب النزاعات المسلحة والكوارث المناخية خصوصًا.
منظمة الصحة العالمية
وأوضحت منظمة الصحة العالمية أنه يمكن الوقاية من وباء الكوليرا، إلا أنه من الممكن أن يؤدي إلى الوفاة.
وفي هذا السياق أكد الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لدول شرق المتوسط وجود نقص عالمي في لقاحات الكوليرا نتيجة زيادة الطلب عليها مشيرًا إلى أنه يتم إعطاء قرص واحد من اللقاح بدلًا من قرصين لحين توفير كميات كبيرة من اللقاح تكفي جميع الدول التي يزيد بها نسب الإصابة بالمرض.
الكوليرا
وأشار إلى أن معظم المرضى المصابين بالكوليرا لا يحتاجون إلى دخول المستشفى، ولا يحتاج إلى المضادات الحيوية إلا الحالات الشديدة، موضحًا أن الكوليرا يمكن أن تسبب الوفاة، إلا أنها مرض يمكن الوقاية منه.
وأكد الأهمية البالغة للتضامن بين جميع الأطراف المعنية وسرعة التحرك موضحًا أن مواجهة الكوليرا تتطلب تضافر الجهود والتعاون لضمان الصحة للجميع وبالجميع.
أكد أن اللقاحات أداة بالغة الأهمية، إلا أنها ليست التدخل الأساسي لمكافحة الكوليرا.
المياه المأمونة
وأشار إلى أن الحل الأساسي للوقاية من الكوليرا هو توفير المياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي، وأكد أن علاجها سهل بتعويض السوائل عن طريق الفم.
أوضح أن المنظمة لديها تعاون وثيق مع وزارات الصحة في البلدان المتضررة، وتقدم الإرشادات التقنية التي تشتد الحاجة إليها لضمان تطبيق ممارسات سليمة للتدبير العلاجي السريري، وتطبيق بروتوكولات الوقاية من العدوى ومكافحتها واختبارات الكوليرا.
وأكد أنه اتسع نطاق جهود المنظمة لمواجهة الأزمة ليشمل توفير مجموعات أدوات العلاج والأدوية المهمة لإنقاذ الأرواح وزيادة الوعي ببروتوكولات الوقاية بين العاملين الصحيين والسكان.
كما قدمت المنظمة الدعم للعديد من حملات التطعيم الفموي ضد الكوليرا في البلدان المتضررة، وتعمل على توفير المزيد من جرعات اللقاحات لتطبيق الاستراتيجية المؤقتة للتطعيم بجرعة واحدة.
وكشف عن وجود ٨ بلدان من بين 22 بلدًا في الإقليم تحت وطأة فاشيات الكوليرا والإسهال المائي الحاد.
وقال: على مستوى العالم، هناك 29 فاشية للكوليرا حاليًا، وهو أعلى رقم مُسجَّل في التاريخ. ويمكن أن تنتقل الكوليرا من بلد إلى آخر، لذلك فإن الفاشيات الحالية تُعرِّض البلدان المجاورة لخطر متزايد وتؤكد الحاجة إلى مكافحة الكوليرا على وجه السرعة. وهذا جرس إنذار لنا جميعًا ونظرًا للظروف التي يمر بها الإقليم، ومنها عدة طوارئ إنسانية وصحية معقدة وصراعات مستمرة منذ وقت طويل وضعف البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي وتدهور الأوضاع الاقتصادية، فإن الكوليرا يمكن أن تنتشر سريعًا.
وحذرت منظمة الصحة العالمية، يوم الإثنين الماضي، من انتشار سريع لوباء الكوليرا الفتاك في لبنان، في حين تكافح سوريا المجاورة أيضًا تفشي هذا المرض.
وقالت المنظمة في بيان إنها "تحذر من فاشية كوليرا فتاكة في لبنان مع تزايد حالات الإصابة".
وأشار ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان، عبد الناصر أبو بكر، إلى أن "الوضع في لبنان هش، فالبلد يكافح لمواجهة أزمات أخرى، وهذه الأزمات يتضاعف أثرها بسبب التدهور السياسي والاقتصادي المستمر منذ مدة طويلة".
منذ الخامس من أكتوبر، تم تسجيل أكثر من 1400 حالة مشتبه فيها في جميع أنحاء البلاد، بينها 381 إصابة مؤكدة و17 حالة وفاة، بحسب المنظمة.
وبحسب بيان المنظمة "كان التفشي في البداية محصورا في الأقضية الشمالية إلا أنه سرعان ما انتشر الوباء" وسُجلت إصابات مؤكدة في جميع المحافظات.
دفع هذا الوضع منظمة الصحة العالمية لمساعدة لبنان في الحصول على 600 ألف جرعة من اللقاح المضاد للكوليرا.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أنها تبذل جهودًا إضافية لتوفير مزيد من الجرعات "نظرا للانتشار السريع" للوباء.
وتشهد سوريا المجاورة منذ سبتمبر تفشيا للكوليرا في محافظات عدة، للمرة الأولى منذ عام 2009. وأدى النزاع الذي بدأ في العام 2011 الى تضرر نحو ثلثي عدد محطات معالجة المياه ونصف محطات الضخ وثلث خزانات المياه، وفق الأمم المتحدة.
وشهد العالم موجات تفشي للكوليرا خلال العقد الماضي أبرزها:
سوريا
وتشهد سوريا أسوأ تفش للكوليرا منذ أكثر من عقد، مع وفاة 39 شخصًا على الأقل منذ سبتمبر، مع نقص المياه والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية لمعالجة المياه بسبب الصراع.
الكاميرون
وشهدت الكاميرون التي تعاني تفشيات للكوليرا بشكل منتظم، عودة ظهور للوباء بين أكتوبر 2021، وأغسطس 2022، أودت بحياة 200 شخص بين أكثر من 10 آلاف إصابة.
نيجيريا
تعاني نيجيريا، البلد الأكثر تعدادًا للسكان في إفريقيا، أيضًا من تفشيات منتظمة للكوليرا. في العام 2021، قتل المرض أكثر من 2300 شخص كان معظمهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و14 عاما، وفقًا للسلطات الصحية في البلاد.
جمهورية الكونغو
وأصبح الكوليرا متوطنًا في جمهورية الكونغو الديموقراطية، خصوصًا في شرق هذا البلد الضخم حيث ينتشر المرض بشكل خاص في مخيمات اللاجئين.
ونظَّمت حملات تلقيح واسعة النطاق هناك في 2019 و2020 و2021.
وتسبب المرض في وفاة أكثر من 150 شخصًا فيما سجَّلت أكثر من ثمانية آلاف إصابة في العام 2021، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وفي مارس وأبريل 2019، تسبب مرور إعصارين في موزمبيق مع فيضانات كبيرة في تفشي الكوليرا في البلاد حيث نظمت حملة تلقيح شاملة.
اليمن
عانى اليمن الذي يشهد منذ العام 2015 نزاعًا مسلحًا، تفشيًا للكوليرا بين أبريل وديسمبر 2017، أدى إلى وفاة 2500 شخص وإصابة أكثر من مليون.
واجتاح المرض البلاد مجددًا في العام 2019 وسجَّلت أكثر من 100 إصابة وحوالى 200 وفاة بين يناير ومارس.
أخطر تفشي للكوليرا
سجَّل أخطر تفشٍّ للكوليرا في السنوات الأخيرة في هايتي في أكتوبر 2010، ما تسبب في وفاة أكثر من 10 آلاف شخص حتى يناير 2019 عندما سجلت الإصابة الأخيرة.
وأدخل المرض إلى البلاد عبر قوات حفظ السلام النيبالية التي أرسلت إلى هايتي بعد الزلزال المدمر في يناير 2010.
وكانت قوات حفظ السلام ألقت برازًا في نهر أرتيبونيت، حيث ظهرت الإصابات الأولى قبل انتشار الوباء في كل أنحاء البلاد.
وأقرت الأمم المتحدة بدورها في إدخال الكوليرا إلى البلاد في أغسطس 2016.