رغم إعلانه الاعتزال.. الصدر لا يزال يتحكم في خيوط اللعبة بالعراق
أحداث متسارعة شهدها ويشهدها العراق، سيما في الساعات الماضية؛ قصف إيراني لمناطق في كردستان العراق، والبرلمان يصوت على رفض استقالة رئيسه محمد الحلبوسي، محاولات لاختراق المنطقة الخضراء من جديد من قبل أنصار التيار الصدري، ثم انسحابهم، وإطلاق قذائف على المنطقة الخضراء، والمحكمة الاتحادية ترد الطعن المقدم بعدم صحة استقالة نواب الكتلة الصدرية.
كما بدأت ترتيبات لظهور ائتلاف جديد "ائتلاف إدارة الدولة"، الذي قد يضم قوى سياسية كانت متحالفة مع التيار الصدري، قبل " انسحابه " من العملية السياسية، وميلاد هذا الائتلاف يمر بصعوبات عدة بسبب شروط وضعتها الأحزاب الكردية والسنية.
وتتحدث تسريبات عن مطالب تتعلق بترسيم الحدود بين المحافظات والمناطق المتنازع عليها بين بغداد والإقليم وكذلك إعادة النازحين وتعويض المتضررين وملف "المساءلة والعدالة" وتحويله إلى ملف قضائي لا سياسي.
هذه الملفات ليست جديدة أبدا، إذ تطرح خلال كل حوار يدور بين القوى السياسية لتشكيل حكومة جديدة في بغداد، غير أنه يعاد ترتيبها بحسب قوة موقف كل طرف حول طاولة المفاوضات في الحصول على تنازلات من الطرف الآخر.
حلفاء الأمس
،كانت خطة الصدر بعد الانتخابات الأخيرة هي تشكيل حكومة أغلبية "فائزة" في الانتخابات تضم تياره والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة البرزاني.
وتحالف "تقدم" بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي و"العزم" بقيادة خميس الخنجر. فيما كان يريد الصدر فرض لعب دور المعارضة الوطنية على القوى الأخرى ممثلة بالقوى الشيعية الأخرى التي تشكلت تحت مظلة "الإطار التنسيقي" الرافضة لنتائج الانتخابات والاتحاد الوطني الكردستاني وقوى سنية أخرى. وبعد تعثر الخطة واستقالة نواب التيار الصدري من البرلمان وإعلان مقتدى الصدر انسحابه من العملية السياسية، جاء الحديث بعد انتهاء "أربعينية الإمام الحسين" في العراق، عن "تحالف إدارة الدولة" يضم القوى السياسية كلها تقريبا وحتى التي كانت متحالفة مع التيار الصدري لهذا الائتلاف، فجاء إعلان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي عن نيته تقديم استقالته، بعد 24 ساعة من الإعلان عن "ائتلاف إدارة الدولة" كمناورة سياسية للخروج من العهد مع الصدر والدخول في اتفاق جديد مع القوى السياسية الشيعية المناوئة له، كما يراها مراقبون، خصوصا وأن الاستقالة رُفضت وجدد انتخابه رئيسا للبرلمان.
الحلبوسي قال خلال جلسة في ملتقى الرافدين للحوار: "قرار استقالتي لا شأن له بالتحالف الثلاثي وموضوع الاستقالة يعكس إصراري على عدم فرض نفسي على الوضع الجديد في البرلمان العراقي بعد انسحاب نواب التيار الصدري".
الحكومة والمعارضة
وأضاف: "يجب أن تكون العملية السياسية في العراق وفق مبدأ الحكومة والمعارضة، وأنا أؤيد ذلك وأرفض التوافقية، وكانت لدينا رؤية سياسية واضحة في تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية السياسية بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني، وإن مشروع حكومة الأغلبية الوطنية يبعد شبح الطائفية في البلاد". لكن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي كان قد أشاد بشخصية مرشح الإطار التنسيقي الشيعي لرئاسة الحكومة المقبلة محمد شياع السوداني.
وتتفق القوى السياسية على أن الدولة بحاجة إلى تشكيل حكومة جديدة في ظل توترات دولية وإقليمية صعبة، لكن "فيتو" مقتدى الصدر الذي خرج من قبة البرلمان إلى الشارع يمكنه تعطيل الحكومة القادمة ليس دستوريا بل بقوة أنصاره في الشارع، فيما يرى آخرون أن التيار الصدري قد يدخل الحكومة القادمة من أجل الوصول إلى مرحلة جديدة، رغم مطالبه بتغييرات جذرية في العملية السياسية.
وهناك سيناريو آخر لا يتمناه الجميع، إلا وهو التصعيد في الشارع على شاكلة ما جرى نهاية شهر أغسطس الماضي. إذ يقول الكاتب ضياء الشكرجي إن "مقتدى الصدر يتحمل مسؤولية ما يجري، لأن التيار لا يتحرك إلا بأمره".