بالأرقام.. كم تبلغ تكلفة أزمة أوكرانيا على الاقتصاد العالمي.. ومن سيدفع الثمن
مع استمرار الحرب في أوكرانيا، يبدو أن الاقتصاد العالمي هو أبرز الضحايا لها، بالطبع بخلاف التكلفة البشرية والمادية للمواجهات الدائرة في تلك الدولة.
"بينما يظل الموقف الراهن على درجة كبيرة من التقلب فإن العواقب الاقتصادية ستكون بالغة الخطورة"، هكذا تنبأ صندوق النقد الدولي تأثيرات حرب أوكرانيا على الاقتصاد العالمي مع بداية العملية العسكرية قبل أن تؤكد صدقية فرضياته الأرقام بعد 8 شهور.
دفعت الحرب الأوكرانية الروسية العالم إلى إعادة النظر في المنظومة الاقتصادية العالمية إذ زعزعت الحرب أساسات الاقتصاد في أغلب دول العالم، وسط أزمات تتصاعد في الأمن الغذائي وأمن الطاقة.
وحول تكلفة تأثير حرب أوكرانيا على الاقتصاد العالمي، قالت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، وهي منظمة حكومية تضم 38 دولة، وتعتبر تجمعا للاقتصادات المتقدمة مقرها باريس:
تكلفة تأثير الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي تقدر بحوالي 2.8 تريليون دولار بنهاية العام المقبل.
الرقم قد يكون أكبر من ذلك إذا أدى الشتاء القارس إلى تقنين الطاقة في أوروبا، مما يعني خفضا أكثر في الإنتاج.
تسببت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في ارتفاع أسعار الطاقة، مما أضعف إنفاق الأسر وقوض ثقة الأعمال التجارية، وفاقم خلل سلاسل التوريد، وتسبب في نقص الغذاء والضروريات الأخرى، وهز الأسواق في جميع أنحاء العالم.
تخشى الحكومات الغربية من أن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتعبئة الجزئية واستعدادات موسكو لضم مساحات شاسعة من أوكرانيا عبر استفتاءات، يمكن أن يطيل الصراع لأشهر عدة وربما سنوات مما يزيد من حالة عدم اليقين التي تلقي بثقلها على الاقتصاد العالمي.
الأسعار قد تزداد، إذا واجهت أوروبا نقصا في الطاقة خلال الشتاء المقبل، مع توقعات بطقس أكثر برودة.
استهلاك الطاقة سيحتاج إلى الخفض بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة مقارنة بالسنوات الأخيرة.
يهدد الارتفاع الحاد للأسعار عددا متزايدا من الشركات التي اضطر بعضها لخفض أنشطته.
الناتج المحلي الإجمالي العالمي سينمو بنسبة 2،2% في مقابل 2،8% بالتوقعات السابقة في يونيو، رغم أنها أبقت على توقعاتها للنمو لهذا العام عند نسبة 3% بعدما خفّضتها بشكل واضح في الأشهر الأخيرة.
من سيدفع الثمن؟
بحسب المنظمة، فإن الدول المجاورة لأوكرانيا وروسيا هي التي ستدفع الثمن الأكبر.
سيخضع النمو في منطقة اليورو للتراجع الأكبر من بين كافة مناطق العالم، مع توقع أن يبلغ 0.3% في مقابل 1.6% بالتوقعات السابقة في يونيو.
السبب الرئيسي في ذلك هو ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم الذي يتوقع أن يبلغ هذا العام 8.1% و6.2% العام المقبل.
تتوقع المنظمة أن يكون الركود الذي يلوّح به كبار الاقتصاديين العالميين منذ أشهر كخطر كبير، السيناريو المقبل في ألمانيا.
أكبر قوة اقتصادية أوروبية ستشهد بحسب المنظمة، تراجع ناتجها الإجمالي المحلي بنسبة 0.7% العام المقبل، في انخفاض قدره 2.4 نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات السابقة.
يفلت جيرانها الرئيسيون من الركود ويُتوقع أن يبلغ النمو 0.4% في إيطاليا و1.5% في إسبانيا و0.6% في فرنسا حيث لا تزال الحكومة تتوقع نموًا بنسبة 1%.
كيف يؤثر رفع معدلات الفائدة؟
أكدت أن رفع معدلات الفائدة هو "عامل أساسي" في التباطؤ الحالي إلا أنها تدعو المصارف المركزية إلى مواصلة ذلك لتجنّب زيادة المعدّلات بشكل أكبر في حال استمر ارتفاع التضخم.
أنفقت الحكومات في جميع أنحاء أوروبا مليارات اليوروهات لمساعدة الأسر والشركات على مواجهة الارتفاع المفاجئ في تكاليف الطاقة، وقد جاءت بعض هذه المساعدات في شكل وضع حدود قصوى لأسعار الطاقة. لكن هذه الحدود القصوى تضعف الحافز للأسر لخفض الاستهلاك.
التدابير المالية الموجّهة والمؤقتة للأُسر والشركات جزء من الحلّ في مواجهة حالة الطوارئ، معتبرةً أن التدابير التي اتُخذت حتى الآن لكبح ارتفاع أسعار الطاقة كانت "موجَّهة بشكل سيئ"، لأنها غالبًا ما كانت تعود بالفائدة لعدد فائض من الأُسر والشركات، مطالبة بأن المساعدات يجب أن تستهدف الأسر الأكثر ضعفا.
عام صعب على الاقتصاد العالمي
المحلل الاقتصادي الإيطالي، جورج آدموند، قال بحسب ""سكاي نيوز عربية": إنه" يجب أن نضع ما يحدث في سياق جائحة كورونا، فهي أدت إلى تغييرات سلبية في سلاسل الإمداد وزادت حدتها حرب أوكرانيا، واجهنا عجزًا في السلع الرئيسية والأجهزة الإلكترونية والغذاء، وكانت هناك آثار تضخم في العالم، والذي زاد مع الحرب، وكانت تداعياته على أسعار الحبوب والطاقة".
وأضاف آدموند أن "الاقتصاد العالمي عانى من اختناقات لوجستية ونقص في المنتجات الوسيطة وبطء في واردات سلع الطاقة، ما خلق ضغوطات تضخمية، فبعد انخفاض التضخم إلى 1.2% في مايو 2020 عاد ليرتفع إلى 6.5% في فبراير 2022 بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميًّا".
وأوضح أن "من بين الآثار غير المباشرة أن الدول اتجهت لتأمين الطلب الداخلي لا سيما في مجال الغذاء، فحظرت تصدير بعض السلع"، لافتًا إلى أن تأثيرات الأزمة كانت شديدة على دول شرق أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار إلى أن "البنوك المركزية حول العالم حاولت التعامل مع هذه التأثيرات من خلال رفع أسعار الفائدة، وكبح موجات التضخم المرتفع، فيما سيكون له تأثيرات أخرى على الاستثمار وقد يؤدي إلى حالة من الركود، ولكن متخذي القرارات عليهم أن يكونوا حذرين في مساعدة المستهلكين والشركات فيما يخص أسعار الطاقة، حيث سيكون ذلك مكلفًا وسيؤدي إلى عجز في الميزانيات حول العالم".
واعتبر أن "الربع الرابع من هذه العام، وكذلك العام المقبل سيكون صعبًا في ظل نية الفيدرالي الأمريكي استمرار رفع أسعار الفائدة وتأثيرات التضخم".