المصري للتأمين: حركة تعافي الاقتصاد العالمي متفاوتة وغير مستقرة خلال السنوات الثلاث المقبلة
استعرض الاتحاد المصري للتأمين في نشرته الصادرة اليوم "تقرير المخاطر العالمية" 2022 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي فهم المخاطر الأعلى تصنيفًا من حيث التأثير والاحتمالية وكانت أبرز المخاطر على المدى البعيد، كما توقع معظم خبراء الاقتصاد بأن تكون حركة تعافي الاقتصاد العالمي متفاوتة وغير مستقرة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
يتزايد الاتجاه حول إدارة مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية منذ سنوات، وازداد الاهتمام بها منذ تفشي جائحة Covid-19، وأصبحت قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مصدر اهتمام كل من المستثمرين والعملاء وأصحاب المصلحة والموظفين والمجتمعات وهيئات الإشراف والرقابة أكثر من أي وقت مضى، حيث يؤدي الأداء القوي للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات إلى تسهيل الوصول إلى رأس المال والخبرات وفرص العمل، ولهذه الأسباب أصبح من الضروري للمؤسسات في الوقت الحالي التركيز على دمج إدارة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في إطار عمل إدارة المخاطر المؤسسية Enterprise risk management.
وتركز هذه النشرة على العلاقة بين أهداف حوكمة الاستدامة الثلاثية ودمجها بإدارة الأخطار المؤسسية مع دراسة انعكاسات ذلك على صناعة التأمين.
إدارة مخاطر حوكمة الاستدامة الثلاثية ESG
يعد برنامج" حوكمة الاستدامة الثلاثية "هو شكل من أشكال إدارة المخاطر، يتيح للمؤسسة إمكانية تطوير نموذج أعمال مصمم خصيصًا لإدارة مختلف المخاطر "البيئية – الاجتماعية- المؤسسية" وتقييم مدى تعرض الشركة للمخاطر بالإضافة إلى تقييم أدائها المالي المحتمل في المستقبل وكذلك توجيه اتخاذ القرارات.
مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية
يمكن للمنهجية المستندة إلى المعايير البيئية والاجتماعية والمؤسسية أن تساعد الشركات على تحديد وإدارة وتخفيف العديد من المخاطر وهذا من خلال مايلي:
تقيس المعايير البيئية مدى جودة أداء المنظمة في مسئوليتها عن الموارد الطبيعية التي تستهلكها والمخلفات التي تخلقها، ويشمل الجانب البيئي تغير المناخ، وخفض الانبعاثات الكربونية، البصمة الكربونية، تلوث المياه والتربة والهواء، إدارة النفايات، استخدام المواد الكيميائية السامة، تجريف الغابات، التنوع البيولوجي.
تبحث المعايير الاجتماعية في كيفية إدارة الشركة لعلاقات العمل والتنوع والمساواة، ظروف عمل الموظفين وحقوقهم، صحتهم وسلامتهم المهنية، سلاسل الإمداد، ويتم مراجعة هذه العوامل الاجتماعية بشكل متزايد من قبل المساهمين وأصحاب المصلحة و المنظمين والمستثمرين المحتملين.
تتعامل الحوكمة المؤسسية مع الكيفية التي تحكم بها المؤسسة ذاتها من خلال معايير الإدارة الرشيدة، وتدير بها العمليات، والممارسات المالية، ويشمل ما إذا كانت عملية صنع القرار تتسم بالمساءلة والشفافية والشمول والإطار الأخلاقي، وتبحث في قضايا تنوع مجلس الإدارة وهيكله، المساهمات السياسية، جماعات الضغط، ضوابط مكافحة الفساد، التهرب الضريبي، حقوق المساهمين، إدارة مجلس الإدارة للمخاطر التنظيمية والقانونية ومخاطر السمعة.
الفرق بين برامج المسؤولية الاجتماعية وحوكمة الاستدامة الثلاثية
العديد من الشركات لديها بالفعل برامج المسؤولية الاجتماعية (CSR)، والتي تختلف تمامًا عن برامج حوكمة الاستدامة الثلاثية، فمبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات تطوعية وتركز على تحسين علاقات الشركة مع الدوائر الخارجية. على سبيل المثال، قد يشرف مديرو المسؤولية الاجتماعية للشركات على الأعمال الخيرية أو الشراكات مع المجتمع.
فى حين يتم تنفيذ برامج حوكمة الاستدامة الثلاثية ESG بشكل عام كاستراتيجية مؤسسة ملزمة حيث يستخدم المسئولين عن قياس مدى توافر معايير ESG البيانات المتاحة لحساب درجة الالتزام بمعايير حوكمة الاستدامة الثلاثية الخاصة بالشركة،كما يوفر تصنيف ESG للمستثمرين والمديرين التنفيذيين أدوات لتقييم أداء حوكمة الاستدامة الثلاثية وإدارة المخاطر التي تواجه الشركة، حيث يشير تصنيف المخاطر المنخفض إلى إدارة المخاطر بشكل فعال، كما يشير تصنيف المخاطر العالي إلى وجود ثغرات كبيرة في إدارة مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. وهذا ماينعكس على جاذبية الشركة للمستثمرين.
الفرق بين الاستثمار المسئول والاستثمار في برامج حوكمة الاستدامة الثلاثية ESG
يستخدم العديد من الأكاديميين والممارسين مصطلحي "الاستثمار المسؤول" و"الاستثمار في برامج حوكمة الاستدامة الثلاثية ESG بالتبادل، وتعد مبادئ الاستثمار المسؤول (PRI) مبادرة للمستثمرين تعمل بالشراكة مع مبادرتين للأمم المتحدة للاستثمار المسؤول على الصعيد العالمي؛ يُعرّف على أنه استراتيجية وممارسة لدمج عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في قرارات الاستثمار والملكية، ويمكن تنفيذ الاستثمار المسؤول دون أن يضع مالك الأصول أمواله في استراتيجية أو منتج استثماري محدد يتعلق بشكل أساسي بإدراج اعتبارات حوكمة الاستدامة الثلاثية ESG في قرارات الاستثمار، وبالتالي يعتبر مفهوم الحوكمة الثلاثية أكثر تحديدًا.
مزايا إدارة مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية
على الرغم من أن ارتفاع تكلفة إدارة مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، إلا أن تكاليف التخاذل عن العمل بها تفوق تكلفتها بكثير، وعليه فإن دمج إدارة المخاطر البيئية والاجتماعية والمؤسسية في خطة العمل له العديد من الفوائد تتمثل في الاتي:
- تخفيض التكاليف
يعد الفشل في تطبيق ممارسات إدارة مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مكلفة بشكل متزايد ويؤدي إلى مجموعة من العواقب ويتم تجنب هذه التكاليف عند إدراك الشركات لبيئة المخاطر التي تواجهها بشكل كافي وبذل جهود متضافرة للتخفيف من حدتها.
ففي عام 2020، عانى العالم من 22 حدثًا كارثيًا منفصلا تسببت في خسائر بقيمة مليار دولار (و تعد الأكبر على الإطلاق)، وبلغ إجمالي الخسائر التي تكبدتها المؤسسات 1.875 تريليون دولار. وفي النصف الأول من عام 2021 وحده، تسببت الكوارث في خسائر بقيمة 42 مليار دولار.
في عام 2010 وقعت أحدث شركات النفط العملاقة في فضيحة ضخمة عندما فشلت في إدارة مخاطرها البيئية وعانت من كارثة حيث تسرب أكثر من 130 مليون جالون من النفط إلى خليج المكسيك وأدى هذا التسرب إلى فقدان 11 شخصًا وتكبدت الشركة 65 مليار دولار من الغرامات وأعمال التنظيف.
كما أدت الممارسات السيئة في مجال حوكمة الاستدامة الثلاثية إلى وقوع شركة صناعة سيارات عالمية في فضيحة " ديزل جيت" التي تسببت في سداد الشركة لمبلغ 193 مليون جنيه إسترليني لأكثر من 90 ألف سائق في إنجلترا وويلز بعد تسوية دعوى قضائية أمام المحكمة العليا بشأن تركيب أجهزة للغش في قياس الانبعاثات الناتجة من سياراتها فقد قامت الشركة باستخدام أجهزة تم اعتمادها على أنها مطابقة لمعايير التلوث في الاتحاد الأوروبي، بينما في الواقع، كانت تنبعث منها ما يصل إلى 40 ضعف الكمية المسموح بها قانونًا من ثاني أكسيد النيتروجين.
اعتذرت شركة صناعة السيارات مرة أخرى للعملاء وقالت إنها تعمل على إعادة بناء الثقة. وقد اندلعت فضيحة "ديزل جيت" في عام 2015 وأدت إلى مواجهة الشركة التقاضي في العديد من البلدان، و دفعت الشركة بالفعل أكثر من 30 مليار يورو (26 مليار جنيه إسترليني) في جميع أنحاء العالم، وهذا يشمل الغرامات والتعويضات والتسويات المدنية وخطط إعادة الشراء.
- تحسين الامتثال التنظيمي
تؤثر إدارة مخاطر حوكمة الاستدامة الثلاثية على موقف الشركة أمام الجهات الرقابية نظرًا لأن طلب تلك الجهات حاليًا موافاتها بصفة دورية ببيانات خاصة بمعايير حوكمة الاستدامة الثلاثية المتبعة بالشركة وإعداد التقارير الخاصة بها.
في الاتحاد الأوروبي أدخلت لائحة الإفصاح عن التمويل المستدام (SFDR) متطلبات الإفصاح عن الاستدامة وحفزت الشركات على تقديم البيانات الخاصة بمعايير الحوكمة الثلاثية بشكل كامل، وفي الولايات المتحدة تقوم لجنة الأوراق المالية والبورصات والاحتياطي الفيدرالي، والهيئات التنظيمية الأخرى بتحديث متطلبات الإبلاغ الخاصة بها فيما يتعلق بالمخاطر والتكاليف المتعلقة بتغير المناخ.
- الوصول إلى المستثمرين وصناديق التمويل
يولي المستثمرون والمؤسسات المالية والمقرضون مزيدًا من الاهتمام لبرامج حوكمة الاستدامة الثلاثية. ويقوم الكثيرون منهم بإعادة تقييم استراتيجيات الإقراض والاستثمار الخاصة بهم لتقليل تعاملهم مع الشركات التي لا تركز على حماية البيئة، وتخفيض صافي الانبعاثات الكربونية، والاستدامة.
- التوافق مع العملاء
يتوقع العملاء تماشى الشركات مع وجهات نظرهم الأخلاقية، وفي كثير من الأحيان سيدفع العملاء المزيد للحصول على خدمات من مؤسسات تتمتع بسمعة جيدة تجاه إدارة القضايا البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
- حماية السمعة وقيمة العلامة التجارية
يؤدي الافتقار إلى إدارة مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية إلى الإضرار بسمعة الشركة وقيمتها السوقية وموقفها المالي. بينما تؤدي الإدارة القوية لتلك المخاطر إلى تحسين العلاقات العامة للشركة من خلال البيانات الصحفية ذات الصلة.