رئيس التحرير
عصام كامل

هل فقد المصريون إنسانيتهم؟

الإنسانية تحمل بين طياتها كل الصفات النبيلة مثل الرحمة والعطف والكرم والإيثار والتسامح وإحترام الآخر، فهل هذه الصفات التي تميز بها المصريون ما زالت موجودة أم أنها أصبحت من المفقودات التي نتندر عليها؟ الإجابة عن السؤال وردت في تصريحين، الأول ل إعلامية مصرية تطل على الجمهور بشكل شبه يومي، والثاني ل مواطن سوري فر إلى مصر هاربًا من الحرب ليعيش بين المصريين سنوات قبل أن يعود لوطنه، دقيقة واحدة فصلت بين قراءتي للتصريحين، وتباين كبير بين ما تضمناه من معان.
 

الإعلامية المصرية جردت قلوب المصريين من الرحمة، وقالت أن المجتمع لم يعد عنده إنسانية، وكان تصريحها المعمم ردًا على قلة قليلة من شباب إنتقد ظهور الفنانة القديرة ميرفت أمين في إحدى المناسبات وقد ظهرت عليها عوامل التقدم في السن، وقلة أخرى إنتقدت ظهور الفنان عادل إمام لنفس السبب، وقد تبارت جموع المصريين في الدفاع عن الفنانين القديرين، حتى أن ما شهدته مواقع التواصل الإجتماعي كان أقرب لإستفتاء على حب إثنين من أشهر الفنانين المصريين.


التصريح الثاني كان للمواطن السوري محمد كاظم هنداوي، الذي عاش بين المصريين سنوات، وعندما غادرها أصر عل تسجيل فيديو انتشر على مواقع التواصل الإجتماعي، وكان عنوانه: شعب مصر يدرس للعالم الإنسانية والعروبة، وإذا ساقك الفضول لمشاهدة الفيديو.. فتأكد أنك لن تستطيع التوقف عن البكاء، وسوف تدرك أن قلوب المصريين عامرة بالرحمة والعطف والكرم والإيثار وإحترام الآخر.

دعاية مجانية 

يقول المواطن السوري أنه قرر العمل في مصر لينفق على أسرته، فكان يحمل أطباق الحلوى السورية من منطقة ٦ أكتوبر ليبيعها في حي الهرم، وتحدث عن تلك الصبية المصرية التي كانت تشتري منه كل يوم طبق حلوى، وقد لاحظ في أحد الأيام أن ما لديها لم يكن كافيًا لشراء الطبق فأخذت تبحث عن بواق نقدية في حقيبة يدها وجيوبها حتى جمعت العشرين جنيهًا ثمن الطبق، ولأنها كانت من زبائنه الأشهر.. وترددها اليومي عليه جعل بينهما عشم.. سألها عن سبب حرصها على شراء طبق حلوى كل يوم ؟ فأجابته أنها لا تحب الحلوى، لكنها ترغب في مساعدته حتى لا يشعر بالغربة.

 

ويحكي المواطن السوري عن ذلك الرجل الذي طلب منه ستة أطباق من الحلوى، ودفع ثمنها، ثم قفز في سيارته تاركًا الحلوى، وعندما عاد إليه للشراء بعد فترة، سأله المواطن السوري.. لماذا ذهبت مسرعًا وتركت ما إشتريت ؟ فقال أنه أراد مساعدته، وخشي أن يعطيه المال دون شراء فيجرح مشاعره.


حكايات كثيرة للمواطن السوري تجعلك تفخر بأنك مصري، أما الإقبال على مشاهدة الفيديو من الملايين في مصر والعالم العربي فيجعلك تشعر بالحزن والأسى، فما يقوله المواطن السوري عن عموم المصريين دعاية إيجابية لشعب كريم قلوب أبنائه عامرة بالرحمة، دعاية تجعل مصر قبلة للعرب الباحثين عن سياحة آمنة، وللمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن لإستثماراتهم، ثم تأتي إعلامية مصرية لتمسح دعاية المواطن السوري بأستيكة عندما تنزع الرحمة من قلوب عموم المصريين وتسلبهم إنسانيتهم وتحول المجتمع إلى غابة لمجرد أن قلة تجاوزت في حق إثنين من الفنانين.

 


الوعي بأهمية وقيمة الكلمة مطلوب، ومعالجة الخلل في سلوكيات البعض لها طرق شتى لابد من إتباعها حتى لا نكون مثل الدبة التي قتلت صاحبها.
besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية