هل تعمل أمريكا لإعادة الإخوان إلى الحكم؟
هذا سؤال يجب أن نطرحه ونتوصل إلى إجابة عنه تستند إلى معلومات سليمة ودقيقة وليست استنتاجات شخصية.. ويجب أن نطرحه لأكثر من سبب أهمها أن الأمريكان هم من دعموا الإخوان وساعدوهم للوصول إلى الحكم في بلدنا، بل إنهم بعد تنحي مبارك كانوا يستعجلون حدوث ذلك، وظهر هذا واضحًا في الضغوط التي مارسوها لاختصار زمن المرحلة الانتقالية التي تولى فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد، ثم استعجال إعلان فوز محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية وتجاهل طعون المنافس رغم أهميتها، وبعد ذلك الإلحاح في إنهاء أي دور سياسي للمجلس الأعلى للقوات المسلحةً الذي كان بعد تولي محمد مرسي منصب الرئيس يحوز السلطة التشريعية ويحتفظ بحق الاعتراض على تشكيل لجنة إعداد الدستور.
الأمريكان والإخوان
لقد كان الأمريكان منذ عام ٢٠٠٤ في عهد بوش الابن الجمهوري يرغبون في إطار سعيهم لإعادةَ هندسة منطقتنا سياسيًّا إجراء تغيير سياسي في مصر، وزادت هذه الرغبة بعد أن تولى أوباما رئاسة أمريكا، بل واقترنت بعمل حثيث لتحقيق ذلك، كان من بينه تكثيف الاتصالات الأمريكية مع قادة جماعة الإخوان الذين أبدوا قبولهم لكل طلبات الأمريكان ليظفروا بتأييدهم ودعمهم للوصول إلى حكم مصر.
وقد تحقق لهم وللأمريكان ما أرادوا في عام ٢٠١٢، ولذلك عندما أطيح بهم من الحكم في عام ٢٠١٣ كان غضب الأمريكان أكبر من الإخوان، وحرضوهم على عدم فض اعتصام رابعةَ والنهضة، بل والتوسع فيه بمناطق أخرى بالقاهرة.
والآن ونحن نعيش الأشهر الأخيرة من عام ٢٠٢٢ فقد جرت في النهر مياه كثيرة، وطرأ على منطقتنا بل والعالم كله تغيرات عدَّة واسعة.. فهل ما زال الأمريكان يعملون على إعادة الإخوان إلى حكم بلادنا كما سبق أن فعلوا ذلك قبل عقد من الزمان؟
هذا سؤال يحتاج إلى بحث للإجابة عنه حتى تأتي تلك الإجابة مدروسة وحقيقية، بدلًا من تلك الاجتهادات الشخصية التي تتناثر هنا وهناك، فهذا البحث سوف يرصد التغيرات العالمية والإقليمية وتأثيرها في السياسات الأمريكية، واهتماماتها الآن، ومكان منطقتنا في سلم أولويات هذه الاهتمامات بالمقارنةَ بما كان عليه الأمر قبل عقد مضى.. وأظن أن هذا أجدى من أن نفتش فيمن وراء من يقول أو يكتب محذرًا عن أحوالنا السياسية الحالية.. فإن أي مواجهة تُخاض بنجاح تحتاج إلى توفر معلومات دقيقة وسليمة.. أليست هذه هي مهمة الاستطلاع في كل الجيوش؟