ما بين هوس التريند والتأصيل الشرعي.. حكم إلزام المرأة بإرضاع ابنها وخدمة زوجها
المحتويات
حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي والشارع المصري خلال الأيام الماضية كان بطلها الحديث عن مدى إلزامية المرأة بخدمة زوجها والقيام بواجباتها تجاه زوجها، وإرضاع أطفالها، وهو ما جعل رجال الدين ينتفضون أمام هذه الظاهرة لحماية الأسر المصرية.
وكانت البداية مع خروج عدة تصريحات من مجموعة من الحركات النسائية والحقوقيين والذين تحدثوا أن المرأة غير ملزمة بإرضاع طفلها وخدمة زوجها، وهو ما أثار حفيظة رواد مواقع التواصل الاجتماعي والشباب، الذين عبروا عن غضبهم تلك الدعوات مؤكدين أنها تهدم معنى المودة والرحمة والسكينة التى تبنى عليها الأسر في الشريعة.
تصريحات هبة قطب عن خدمة المرأة لزوجها
وكانت شرارة تلك التصريحات التى أثارت حالة من الجدل، هو للدكتورة هبة قطب، استشاري العلاقات الأسرية، والتى أوضحت أنه لا يوجد سند شرعي أو قانوني يجبر المرأة على الالتزام بالطهي لزوجها دون مشاركة أو تبادل للأدوار.
نهاد أبو القمصان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، كانت أحد أبرز من واصل حالة الجدل تلك وذلك بعد حديثها عن عدم إلزام الأم بإرضاع أطفالهن جدلا واسعا في الشارع المصري.
تصريحات نهاد أبو القمصان عن رضاعة الأم
ونشرت أبو القمصان، عبر حسابها الرسمي على موقع "يوتيوب"، مقطع فيديو قالت فيه إن القرآن لم يجبر السيدات على إرضاع أولادهن، وحال فعلها ذلك يستحق لها أجرا.
وأوضحت أن هذا ما ورد في القرآن الكريم بسورتي البقرة والطلاق، واستشهدت بقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، و{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6].
وتابعت: "محدش قال الأم ما ترضعش ولادها، وأنا شخصيا رضعت ولادي الثلاثة الحمد لله، بس اللي يقول لمراته مثنى وثلاث عليه يوفي التزامات الأولى ويدفع اللى عليه أولا".
سعاد صالح توضح إلزام المرأة بخدمة زوجها
الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، كانت أخر من أدلى برأيه في هذا المجال حيث أكدت إنه وفقًا للشريعة الإسلامية ليس على الزوجة أو المرأة القيام بالأعمال المنزلية، وإنما تتفرغ لتربية الأبناء وطلبات الزوج.
وأضافت خلال لقائها ببرنامج "بالأصول" المذاع على قناة "الشمس": يستحب للمرأة أن تطبخ لزوجها ولأبنائها.
وشددت على أن الزوجة ليست مجبرة على خدمة الزوج ولا القيام بالأعمال المنزلية والطبخ وإذا فعلت بذلك يكون من باب الفضل والمروءة والإحسان وليس من باب الوجوب.
رأي الأزهر في إلزام المرأة إرضاع أبنها
على الجانب الآخر انتفض رجال الدين والمهتمين بالشأن الديني ضد تلك الدعوات،وذلك من خلال استعراض الآراء الفقهية التى تحدثت عن تلك الأزمة ووضحت نظرة الشريعة الإسلامية لطبيعة العلاقة بين الرجل وزوجته
أحد أبرز تلك التصريحات كانت لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذي أكد في وقت سابق أن الحياة الزوجية لا تبنى على الحقوق والواجبات ولكن على الود والمحبة والاحترام المتبادل والرحمة والتكامل، والمواقف التي يساند الزوج فيها زوجته وتكون الزوجة فيها سندا لزوجها، لبناء أسرة صالحة متحضرة قادرة على البناء والإسهام في رقي وتقدم مجتمعها، وتربية أجيال قادرة على البذل والعطاء، هي أمُّ أولاده، وأمينة سرِّه، ومصباح منزله، ومصدر سعادته.
حكم الشرع في إلزام الأم برضاعة أبنائها
ومن جانبه رد الدكتور عباس شومان، عضو مجمع البحوث الإسلامية، ووكيل الأزهر الشريف على تلك الدعوات، مؤكدًا أن الزوجة لا تستحق أجرة على الرضاع.
وكتب "شومان" عبر صفحتة الشخصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك":"الزوجة لاتستحق أجرة على الرضاع، وإنما تستحق المطلقة فقط؛(..فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍۢ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُۥٓ أُخْرَىٰ). الطلاق ٦".
حكم إلزام الأم بإرضاع أطفالها
وأضاف"شومان":"﴿وَالوالِداتُ يُرضِعنَ أَولادَهُنَّ حَولَين كاملين…) البقرة:٢٣٣،فالزوجة ملزمة بإرضاع ولدها،فلاتستحق عليه أجرة.أما بعد الطلاق فتستحق كما جاء في آخر الآية".
وتابع:"أَلَا فكلكم راع……، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ..، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رعيته" فياهؤلاء هل قرأتم هذا الحديث المتفق عليه يوما؟.
وأكد "شومان":"لا أظن أن الأسرة تعرضت في تاريخها لهذا الكم من الاستهداف والتحريض،ونحمد الله أن العاقلات لايثقن في المحرضين لهن على خراب بيوتهن".
وأشار:"لعنة الترند أصابت التفكير المنضبط عند البعض في مقتل،فاحذروا مسالكهم حتى لاتكونوا مثلهم".
وذكر “شومان” قوله تعالى (ووَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا..)، قائلا:"جمعت الآية بين الحمل والرضاع،فلم جعلتم الحمل مجانا والرضاعة بأجر؟!".
هل يجب على الزوجة خدمة زوجها
ومن جانبه أجاب الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف، على سؤال ورد له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك نصه: هل يجب على الزوجة خدمة زوجها وإرضاع ولدها؟.
وقال الدكتور محمد إبراهيم عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: القول الفصل في مسألة خدمة الزوجة لزوجها؛ اعتبار العُرْف؛ لأن العرف دليل شرعي، عند عدم وجود النص، والعرف الآن يجعل من واجبات الزوجة خدمة زوجها، تُعَدُّ بالتقصير فيه عاصية، وبالامتناع عنه ناشزا، وفي جميع الأحوال تُعير المرأة بالتقصير في خدمة زوجها!.
وأضاف أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهرالشريف، وأما إرضاع ولدها بأجرة؛ فهو مذهب الشافعية والحنابلة، في حال قيام الزوجية أو عدمها.
هل يجب على الزوجة إرضاع ولدها
وتابع: قال الأحناف والمالكية المرأة التي في عصمة زوجها، أو كانت معتدة من طلاق رجعي؛ لا تستحق أجرا على الرضاعة؛ لأن الشرع أوجب عليها الرضاعة، ولا أجر على واجب، مضيفًا، زاد المالكية إن كانت ممن يُرضِع مثلها، فأما إن كانت شريفة، لا تُرضِع؛ فلها الأجر إذا أرضعت، واتفقوا على أن لها الأجر إن كانت مطلقة طلاقا بائنا، مع اختلاف يسير.
واختتم: والذي نميل إليه من بين هذه المذاهب مذهب الأحناف والمالكية؛ لموافقته للعرف الآن، فقد جرى العرف على أن المرأة ترضع ولدها بغير أجر، حتى وإن كانت مطلقة طلاقا بائنا، لا سيما وأن استحقاق المرأة الأجر، من أجل إرضاع ولدها؛ حق خالص لها، لها أن تسقطه، وهو من جملة النفقات المستحقة للمرأة من وجوه مختلفة، وقد يزيد الشرع لها في النفقة إذا احتاجت، لأجل الإرضاع، سواء في حال الزوجية أو في حال الطلاق، وتسمية هذه الزيادة نفقة؛ أولى من تسميتها أجرة على الرضاع، بل هذا مراد الشارع.