أنواع من النساء.. الصعبة القوية
ما نوع المرأة التي تذهب بك إلى السجن؟ بل ما نوع المرأة التي تأخذ بك إلى حبل المشنقة؟ تأملت وقفة ذلك القاضي محبوسا مهانا خلف القضبان، متهما بقتل زوجته قتلا وحشيا فيه روح الانتقام، وتساءلت أى نوع من النساء كانت سيدة كهذه، جعلت رجلا كهذا يمضى بعيدا في التخطيط والتدبير والتنفيذ مع التنكيل؟
الأمر ذاته ينطبق لو أن القاتل امرأة، أو كانت القاتلة هي ذاتها القتيلة حاليا، دبرت ونفذت ونكلت وسلسلت ورميت بماء النار على جثة القتيل؟ فأى نوع من الرجال هذا يدفع سيدة كهذه إلى لحظة القرار بأن هذا الزوج لا يستحق الحياة ويجب قتله؟ لا ندين طرفا ولا نقضى بحكم فالحكم لله، ثم القضاء العادل..
لكن من الملفت للنظر انخراط نفر كبير من النخبة في المجتمع في قضايا خلافية، جرت وتجرى تحت أسقف البيوت وعلى فراش الزوجية، وإذا بها موضع الإذاعة والبث المباشر الفاضح الفاجر بلا حياء من أطراف العلاقة. هذا قاض، له عقل راجح، وعلم وعلاقات وخبرات ومكانة اجتماعية، وهو موضع احترام وحب بنتيه وله زوجة، حياة أسرية بدأها، ثم وازاها في السر بعلاقة فزواج عرفى ثم رسمي سرى، ثم ذاق مع المتعة جحيم الصعوبة!
سنوات حرجة
جحيم الصعوبة يعرفه من عرف امرأة صعبة، والمرأة الصعبة هي المتصلبة برأيها ولها جمال كاسح وشخصية متطلبة، وهى غالبا -وبعيدا عن الحالة المأساوية التي يتابعها المجتمع الآن- بارعة في فنون الحب والعطاء لحبيبها وزوجها، تأسره بما لم تأسره به زوجة باتت بالرتابة ومع السنين من ثوابت أثاث البيت!
في عمر الرجال سنوات حرجة زلقة، تقع ما بين الخامسة والأربعين، حتى بعد الخمسين، هي غالبا السنوات التي تتحقق فيها المكانة وتتثبت الأسرة ويسيطر الملل، وتتوفر مع هذه النوعية من أصحاب المكانة المال، أو القدرة على الكسب الكبير، ومع أزمة منتصف العمر يتوقف الرجل ويتساءل: أين أنا من كل هذا الجرى واللهاث؟ تظهر امرأة في الأفق. هي ما تمناه، هي ما تجسد له الشقاوة والصعوبة، والمنح والمنع والاستعصاء ثم الإرضاء، فيمر من بوابة الجحيم بالفراش إلى حدائق الجنة على ذات الفراش.
هذا النوع من العلاقات النارية صعب جدا على الطرفين الخروج السهل منه مهما حاول. قيد من فولاذ غير مرئي يسلسلهما يسوقهما اندفاع وسيطرة متبادلة، وبكل منهما رغبة في كسر الآخر وإذلاله، والعلو عليه. يترجم كلاهما هذه الرغبة في العلو والسيطرة وقت ممارسة العلاقة الحميمة غالبا، حين تضعف نفس وتعترف أو تستبد نفس فتقسو وتسيطر!
لا يكف كلاهما عن التفكير في إنهاء هذا السجن الذاتي، لأنهما معا يتعذبان رغم كل شئ، رغم ألوان الجنون المبهجة التي تجلب لهما الرضا معا، لساعة أو بعض ساعة وبعدها ينقلب أحدهما إلى حقيقته، مبتزا أو متطلبا أو مساوما أو متعاليا بماله وفحولته!
حين يفكر أحدهما في الإنهاء، يشعر الآخر بأنه موضع الطرد من الجنة، فيضعف أو يمنح أو يجرب قدرته على المقاومة بالابتعاد، وتظل الساعات الطويلة عدوه المقيت، فالوقت لا يمر والذكريات الهائجة بعقله ولمساتها على بدنه تؤجج قرار العودة والاسترخاء والاستسلام. ولو فعل ذلك ما رضيت نفسه ولكره ذاته ولقرر أن ينتحرأو ينحر!
لماذا لم يطلقها وينهى العلاقة؟ لماذا لم يدفع المال ليتخلص من الابتزاز كما زعم، بدلا من أن يتخلص منها بالقتل المخطط له ولتستمر رقبته على المحك؟ لا أحد يستحق رجلا أو امرأة أن تقتله لتشنق القصة طويلة عن نفوس معقدة، المرأة فيها جنة ونار، والرجل فيها مثلها: جنة وجحيم
نواصل عن أنواع من النساء..