عام علي حكم طالبان.. أفغانستان تبحث عن الخبز والحرية
في 15 من أغسطس من العام الماضي تفاجأ العالم بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان، لتعود حركة طالبان من جديد إلى المشهد السياسي بعد 20 عام كاملة قضتها خارج الحكم.
استحوذت طالبان على السلطة في أفغانستان قبل عام، بعد الانسحاب المتسرع للقوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن أعمال العنف انخفضت بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، إلّا أن الأزمة الإنسانية في البلاد تعاظمت بسرعة.
الجفاف والجوع وارتفاع الأسعار تهدد أفغانستان
وبحسب تقارير إخبارية دولية أن الفقر الذي يبدو أكثر حدة في جنوب البلاد، وصل إلى مستويات بائسة تفاقمت بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.
ونقلت وكالة “يورو نيوز” عن امرأة تجلس على سرير في مستشفى في لشكركاه عاصمة إقليم هلمند، بجوار حفيدها الذي يبلغ من العمر ستة أعوام ويعاني من سوء التغذية، "منذ وصلت الإمارة (طالبان) إلى السلطة، لا يمكننا الحصول على الزيت حتّى".
وتضيف المرأة التي يغطّي الوشاح وجهها بالكامل "الفقراء يُسحقون تحت أقدامهم" في إشارة إلى حركة طالبان.
يتلقى حفيدها العلاج للمرة الخامسة في مستشفى بوست، وهي مجموعة من المباني تديرها وزارة الصحة الأفغانية ومنظمة أطباء بلا حدود بشكل مشترك.
تقول بريشنا والدة مريضة أخرى "لا يمكننا إيجاد الخبز حتى"، مضيفة "ليس لدينا ما نأكله منذ ثلاثة أو أربعة أيام".
توقف المساعدات الخارجيه لأفغانستان
بدأت المحنة الاقتصادية في أفغانستان بحسب تقرير “ يورو نيوز ” قبل وقت طويل من استحواذ طالبان على السلطة، ولكن وصولها إلى الحكم دفع البلد الذي يبلغ عدد سكانه 38 مليون نسمة إلى حافة الهاوية.
جمدت الولايات المتحدة سبع مليارات دولار من أصول البنك المركزي، كما انهار القطاع المصرفي وتوقفت المساعدات الخارجية التي تمثّل 45 %من الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد.
تتساءل روكسانا شابور التي تعمل في شبكة محلّلي أفغانستان (AAN) "كيف يمكن تقديم المساعدة إلى بلد لا تعترف بحكومته؟"
وتقول إن المساعدات الإنسانية في مواجهة الأزمات مثل الزلزال الذي ضرب البلاد في يونيو وأودى بحياة أكثر من ألف شخص وشرد ترك مئات الآلاف، تعدّ أمرًا بسيطًا لأنّها معونة "غير سياسية إنها مساعدة حيوية".
إضافة إلى ذلك، يتمّ إرسال الأموال جوًا لتمويل المساعدات الغذائية والرعاية الصحية. ولكن المساعدات للمشاريع طويلة الأجل تعدّ أكثر تعقيدًا.
تقول روكسانا شابور "إذا أتيتم إلى البلاد وقلتم أريد دفع جميع رواتب المعلّمين، فلا بأس بذلك"، مضيفة "ولكن ماذا ستفعل طالبان بالمال الذي لن تنفقه على رواتب المعلّمين؟".
في موسى قلعة، يقتصر النشاط الاقتصادي على تصليح دراجات نارية وبيع الدجاج ومشروبات الطاقة المحفوظة في برادات قذرة.
ترتبط المدينة، التي شهدت بعضًا من أكثر الفصول دموية في حرب 2001-2021، بلشكركاه غاه عاصمة هلمند من خلال درب يمتد على طول مجرى نهر جاف.
وتعود الطريق المعبدة لتظهر جنوبًا باتجاه سانجين، حيث تضررت الجدران الطينية بشدّة جراء نيران المدفعية لدرجة أنّها تنهار.
تقول ميمنة التي تعالج ابنتها آسيا البالغة من العمر ثمانية أعوام في موسى قلعة "الآن، يمكننا أن نذهب إلى المستشفي، ليلًا أو نهارًا". وتضيف "سابقًا، كانت هناك معارك وألغام، وكانت الطرقات مقطوعة".
يقول مدير الصحة العامة في هلمند سيد أحمد لوكالة فرانس برس، إن تدفّق المرضى الجدد يعني أنّ هناك "أماكن أقل" و"هناك عدد أقل من الموظفين، وبالتالي هناك صعوبات".
مع ذلك، يصرّ هذا الطبيب الذي تملأ مكتبه الكتب الطبية على أنّ "الوضع العام بات أفضل" ممّا كان عليه في ظل الحكومة السابقة، حيث كان الفساد مستشريًا.
يرفرف علم "طالبان" علنًا على مبانٍ نخرها الرصاص في هلمند. فبعد انتظار دام مدة عقدين، تولت الحركة قيادة البلاد فيما تعاني شبه إفلاس.
يقول رجل من لاشكركاه فضل عدم الكشف عن هويته "ليسوا على قدر مسؤولية الحكم" في إشارة إلى حركة طالبان.
نساء أفغانستان يتظاهرن للمطالبة بحقوقهن
وبمناسبة مرور عام علي وصول طالبان لسدة الحكم، نظم مجموعة من النساء الأفغانيات تظاهره للمطالبة بالحق في العمل والتعليم.
وسارت نحو أربعين امرأة يهتفن "الخبز والعمل والحرية" أمام وزارة التعليم قبل أن تقوم مجموعة من مقاتلي طالبان بتفريقهن بإطلاق رشقات رصاص في الهواء بعد حوالى خمس دقائق من بدء التظاهرة.
ورفعت المتظاهرات لافتة كتب عليها "15 أغسطس يوم أسود"، في إشارة إلى ذكرى سيطرة الحركة على السلطة في البلاد العام الماضي، في إطار مطالبتهن بحقوقهن في العمل والمشاركة السياسية.
وهتفت المتظاهرات قبل تفريقهن "العدل العدل. سئمنا الجهل".
وأغلق مسلحون من حركة طالبان يرتدون ملابس عسكرية بسد مفترق طرق أمام المتظاهرات وبدأوا إطلاق النار في الهواء لثوانٍ.
وطارد عناصر الحركة بعض المتظاهرات اللواتي لجأن إلى المتاجر المجاورة، وقاموا بضربهن بأعقاب البنادق.
أشرف غني: انا الرئيس الشرعي للبلاد
من ناحيته علق الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني علي الأوضاع في أفغانستان، بأنه فراره قبل نحو عام منع طالبان من متعة إذلال رئيس أفغاني آخر" في إشارة الي قيام حركة طالبان إعدام الرئيس الأفغاني محمد نجيب الله عام 1996 عقب استيلائها حينها على العاصمة كابول.
وشدد غني على أنه "لا يزال الرئيس الشرعي لأفغانستان"، لافتا إلى أن هروبه من كابول قبل عام، جاء عقب انهار كل أفراد الحرس الرئاسي وخلعوا ملابسهم العسكرية ولبسوا ثيابًا مدنية.
وأضاف أنه "استقل الطائرة عندما وصلت طالبان إلى العاصمة كابول، لأنه كان من المستحيل الدفاع عن الوطن".
وأشار أشرف غني إلى أن وزير دفاع حكومته ترك الوزارة قبل فراره وكان آخر من غادر البلاد.