متى تطهر الحكومة صفوفها من المهملين؟!
ومن أسف أننا إذا ما تتبعنا أحوال كثير من مجتمعاتنا الإسلامية نجد الإهمال والتسيب يضرب بجذوره في تربتها ويعشش في زواياها ويعيث هدمًا في أركانها..انظروا مثلًا لمهندسي الطرق وموظفي الأحياء الذين تركوا حفرًا وشروخًا في الطرق والشوارع دون إصلاحها..كم تسببوا في حوادث وأعطابًا للمركبات..
وانظروا إلى ميكانيكي يهمل في إصلاح سيارة فأضر بصاحبها، وإلى طبيب لم يفحص مريضه بصورة كافية فسبب له مرضًا مزمنا أو عاهة مستديمة حتى الفريق الرياضي الذي لم يتم تدريبه بجدية فتكون النتيجة حصد الهزائم بسبب الإهمال والتسيب وعدم اكتشاف المواهب وصقلها دون محسوبية وهو ما يفسر لماذا ترجع أداء منتخبنا كثيرًا.
حماية المجتمع
وكم أضاع المدير أو المسئول المهمل حقوقًا للناس وأذاقهم معاناة مريرة وعطل مصالحهم ووقف حجر عثرة دون قضائها وهو قادر على أدائها دون أن يدري أنه واقع تحت طائلة قول النبي الكريم: «مَنْ ولَّاهُ الله -عز وجل- شيئًا مِنْ أَمْر المسلمين فاحْتَجَبَ دُونَ حاجَتِهم وخَلَّتِهِم وفقرهم، احْتَجَبَ الله عنه دون حاجَتِه وخَلَّتِهِ وفقره، قال: فَجَعَل رجلًا على حَوائِج الناس».
ولست أشك أن ما نراه من ضعف في مستويات التعليم والإنتاج وظهور سلوكيات خاطئة إنما هو نتاج إهمال جسيم؛ ذلك أن جودة العمل تتحقق بالإخلاص والصدق ومراقبة الله تعالي الذي يقول في كتابه الكريم: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة: 105).. ومن ثم فإن الشعوب لا تتقدم إلا بإتقان العمل وهو ما يجب أن نحرص عليه ونعلمه أولادنا.. يقول الله تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا" (الكهف:30).
إن ترك موروثات الإهمال مثلما يحدث في السكة الحديد مثلًا بالاعتداء على حرمتها وترك العامل المزلقان مفتوحًا أو إلقاء الطوب على القطارات، وكذلك زحف مخالفات البناء والتهام الرقعة الزراعية والتعدي على النيل وتلويثه وإهدار موارده أو البناء على حرمه.. كلها خطايا ليست نتاج مرحلة محددة ولا تتحملها حكومة بعينها بل هي سلسلة متراكمة نتاج سنين طويلة افتقدت الإرادة السياسية والهمة في التصدي للفساد والإهمال بحسبانهما جريمة تهدد الأمن الاجتماعي ومستقبل الأجيال القادمة، وينبغي للحكومة أن تواجه بكل قوة المهملين والمتراخين في أداء واجبهم وأن تطهر صفوفها منهم بتفعيل دور الأجهزة المنوط بها كشف ومواجهة مثل هذا الفساد والتراخي واستحداث ما يلزم من وسائل وتشريعات لقطع دابر الفساد.
لاشك أن ما تقوم به الحكومة حاليًا من ميكنة للإجراءات خطوة مهمة لتقليل تدخل العنصر البشري ومن ثم تفادي الأخطاء وتمكين الأجهزة لتقوم بواجبها في غل يد الفساد والمفسدين ولسوف يحسب إنجازًا لتلك الحكومة أو أي حكومة إذا ما نجحت في استئصال شأفة الإهمال والفساد وحماية المجتمع من آثامه وشروره ليس بترصده ومحاربته بل بمنع وقوعه أصلًا..
فالوقاية خير من العلاج وذلك بالتزامن مع تشديد عقوبات المفسدين والأخذ على أيدي المتقاعسين عن أداء واجبهم وكفانا ما عانينها سنين طويلة من إهمال وفساد وبيروقراطية يضيع معها كل جهد مخلص وعمل دءوب لنهضة هذا البلد.. آن أوان التخلص من معوقات التقدم لاستكمال الجمهورية الجديد التي يتمناها الرئيس السيسي ويتطلع لتوفير حياة كريمة لكل موطن فيها بلا منغصات ولا فساد أو إهمال.. فهل يتحمل كل منا مسئوليته وينهض بواجبه دون إبطاء أو كسل أو إهمال..نتمنى!