إنه الإهمال.. وبال على الجميع!
الإهمال داء عضال ما استشرى في مجتمع إلا كان سببًا في تعاسة أبنائه؛ وهو صنو الفساد أو هما وجهان لعملة واحدة؛ فكل مهمل بالضرورة فاسد بدرجة أو بأخرى.. فإذا اجتمعا معًا كانا طامة كبرى ووبالًا على أي مجتمع يُبتلى بهما.. وللأسف تجذرت تلك الآفة في قطاعات عديدة وبمستويات مختلفة في مجتمعاتنا حتى صارت سوسًا ينخر في عظامها ويبدد فرص أجيالها الحاضرة والقادمة على السواء في حياة هانئة..
الفساد والإهمال
وليس هناك فارق بين مهمل وآخر إلا في حجم ما يترتب على الإهمال من ضرر لكن النتيجة واحدة: خراب ودمار وضياع حقوق وإزهاق أرواح وإهدار موارد وفرص التقدم والتطور.. ولست في حاجة لدليل على ما أقول.. وإلا فقل لي بربك: ماذا تتوقع من طبيب أهمل علاج مرضاه إلا مزيدًا من تدهور واعتلال صحتهم وتضاؤل فرص الشفاء؟ فماذا لو نسي هذا الطبيب فوطة في بطن مريضة بعد عملية جراحة؟ وماذا لو أخطأ مهندس إنشاءات في تصميمات بناية شاهقة مثلًا ثم اكتملت منظومة الإهمال بالغش في مواد البناء قام به مقاول فاسد؟ فكيف ستكون العاقبة؟!
وماذا لو نام عامل مزلقان سكة حديد وترك هذا المزلقان مفتوحًا ليهوي تحت عجلات القطارات من يسوقهم حظهم العثر لموقع الجريمة؟ وماذا لو أهمل سائق سيارة وقادها بسرعة جنونية فاصطدم بغيره؟ وماذا لو تأخر المسئول أي مسئول في إصدار القرار في وقته وماذا لو أغمض رئيس حي عينيه عن المخالفات تاركًا إياها تكبر وتتوحش دون رادع حتى يتسع الخرق على الراتق وتصبح واقعًا لا سبيل لتغييره أو تصحيحه؟!
أليس ذلك وغيره مما نراه في حياتنا اليومية إهمالًا يفضي إلى خسارة أو خراب أو تدمير؟ أليس القاسم المشترك بين كل المهملين واحدًا وهو اللامبالاة والبلادة والجهل وانعدام الضمير؟ وقس على ذلك أحوالًا كثيرة.. فإذا ما إجتمع الإهمال والفساد في أي مجتمع.. فقل عليه السلام؛ فالفساد يبدد الثقة الضرورية بين المواطن والدولة ويلتهم كل جهودها التنموية.. ولسنا في حاجة للتأكيد على أن نظم الإدارة والحوكمة السيئة هي واحدة من أربعة أسباب رئيسية للفقر، تتمثل في الصراع والعنف، والنمو السكاني بغير حساب؛ وآثار تغير المناخ؛ والكوارث الطبيعية.