الاختيار والأمريكان!
أثير كلام هنا وهناك حول تجاهل مسلسل الاختيار دور بعض الشخصيات في انتفاضة يونيو أو التحضير لها، مثل دور محمود بدر فى تأسيس حركة تمرد مع كل من حسن شاهين ومحمد عبدالعزيز، ومثل دور الإعلامى توفيق عكاشة الذى حفز قطاعا من المصريين على الخروج يوم ٣٠ يونيو، وهذا الكلام فى محله خاصة وأن الطابع التوثيقي على المسلسل كان الغالب عليه أكثر من الطابع الدرامى، ولذلك اهتم باختتام كل حلقة له بتسجيل يفضح قادة الإخوان..
غير أن أهم ما تجاهله المسلسل المهم الذى اجتذب جموع المشاهدين كان هو دور الأمريكان في حماية حكم الإخوان ومحاولاتهم لمنع الجيش من الانحياز للشعب فى ٣٠ يونيو. فعندما لاقت حركة تمرد تجاوبا واسعا وهائلا من عموم المصريين، وهو ما دفع جبهة الإنقاذ لدعمها بعد أن كانت لا تقدرها قدرها، أخذ الامريكان يمارسون ضغوطهم لمنع دعم القوات المسلحة للمصريين في تحقيق مطلبهم الخاص بالتخلص من حكم الإخوان..
دور الأمريكان
وقد شهدت الأيام التى سبقت اتصالات بين قادة القوات المسلحة المصرية وقادة البنتاجون الأمريكى لحث قيادة القوات المسلحة المصرية على اتخاذ جانب ما سمى بالشرعية الدستورية.. وكان رد كل من وزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسى لنظيره الأمريكى أن قواتنا المسلحة لا يمكن أن تقف تتفرج على حدوث اقتتال داخلى وحرب أهلية مصرية، وأن واجبها هو حماية الشعب المصرى..
وهذا هو فحوى ما قاله الفريق صدقى صبحي رئيس الأركان وقتها لنظيره الأمريكى.. وقد حدثت هذه الاتصالات بجانب اتصالات أخرى حرص الأمريكان على القيام بها مع مرسى وإخوانه تضمنت نصائح باتخاذ قرارات لتهدئة المعارضة الشعبية له قبل ٣٠ يونيو، وكرروا ذات النصيحة في اتصال تليفونى بين الرئيس الأمريكى الأسبق أوباما وبين محمد مرسى يوم الأول من يوليو وبعد أن انفجرت المظاهرات عارمة في كل ربوع مصر، وهو الاتصال الذى لم يمنع أحد وقتها مرسى من القيام به، وهو في دار الحرس الجمهورى..
مثلما لم يمنع من تسجيل خطابه الأخير للمصريين يوم الثانى من يوليو. أو يمنع إذاعته، كذلك مثلما لم يمنع أحد مستشاريه ومساعديه وابنه من التردد عليه في مقره الجديد بدار الحرس الجمهورى، رغم إن ذلك كان متاحا تماما وقتها، بل ظل مرسى يعامل كرئيس للجمهورية حتى مساء الثالث من يوليو، أى حتى تم التوافق بين الذين دعاهم الفريق السيسى للتوافق على خطة للمستقبل.
وبالطبع إن تناول المسلسل كل ذلك وغيره من التفاصيل المهمة حول دور الامريكان كان سوف يثريه أكثر، خاصة وأن هذا الدور الامريكى في أحداث الثلاثين من يونيو تطور وتصاعد فيما بعد ليتخذ شكلا داخليا يتمثل في تحريض الإخوان على استمرار اعتصام رابعة بل وتحويله لمركز حكم بديل للبلاد والتمسك بعودة مرسى..
وشكل خارجى يتمثل في فرض حصار سياسى على مصر وصل ذروته بوقف المساعدات العسكرية لمصر بعد أن أوقفت دول أوربية مد مصر بمعدات عسكرية تحتاجها الشرطة المصرية في وقت إنخرط فيه الإخوان والجماعات الارهابية الحليفة لهم في عنف واسع بالبلاد.. كما أن توثق ذلك مهم لتاريخ تلك الفترة المهمة فى حياة وطننا كذلك أن تناول هذه التفاصيل يُبين مدى شجاعة قرار انحياز القوات المسلحة للشعب فى هذا التوقيت الحاسم.
ونكمل غدا