آفة بلدنا.. الجحود عند أول غلطة!
يتمتع الإنسان بخاصية غريزية غريبة اسمها النكران. الاسم الشائع لها هو الجحود. الاسم الشعبي لها هو قلة الأصل! فأنت إذا أتممت على شخص ما كان ينقصه من أمان ومن ستر ومن حنان ومن اهتمام، ثم تنكر لك وانقلب عليك فهو ناكر جاحد قليل الأصل. والحق أن ما تعرض له محمد صلاح، ابننا كلنا نحن المصريين الأصلاء، من كتابات وضيعة، لتنال من مكانته وموهبته، أو لتشكك في عطائه لوطنه، يجعل المفردات الشائنة المذكورة أعلاه، وبخاصة صفة قلة الأصل هى من نصيب أولئك الجهلاء الذين يندفعون وراء كتائب التسخيط والتحريض وهدم القيم والرموز.
لست كاتبا رياضيا، لكنى كاتب معنى بما يسعد الوطن ويقويه ويثبت أركانه، وليس من شأني ولا تخصصي الكتابة عن أداء المنتخب والفنيات الكروية، لكنى واحد من ملايين المصريين، بل ملايين البشر، أحب الفتى محمد صلاح، واحترمه وأتيه شغفا بموهبته. فى عملي الصحفي، كرئيس للتحرير، كنت باحثا ومشجعا ومصفقا للموهبة، وحتى الآن أطير فرحا وأطرب لتعبير مكتوب حلو، أو فكرة قوية، وأقوم بنشرها على صفحتى، كما كنت أفعل من قبل فى صحيفتي.
أسباب السعادة
محمد صلاح أقوى أسباب السعادة للشعب المصرى حاليا.. بل هو معظم أسبابها لأنه لا توجد دواع كثيرة لها، حاضرة في حياتنا المنكوبة بتجار جشعين، لصوص في الحقيقة!
اللعنات والشتائم والشماتة التى سددها الحاقدون المرضى الى هذه الموهبة المصرية الرائعة، هى انعكاس لدناءة نفوسهم، ولكراهيتهم للجمال، ولضيق عقولهم، بل انعكاس لتغلب غريزة الحيوان على ذائقة الجمال عند الانسان.
لماذا تنكرون موجات السعادة التى جلبها لكم محمد صلاح؟ لماذا تنقلبون على الناس الموهوبة انقلاب الخسيس على من يطعمه؟ الجحود من أرذل الصفات الإنسانية، فيه وضاعة، وفيه تنكر، وفيه غدر، وفيه ظلم لمن أعطى فلم ينل الإ النكران. انقلبنا في السنوات العشر الماضية على ناس كثيرة محترمة ودمرناها تدميرا ونسينا عطاءاتها، وربما عاد البعض ليبدي سطورا من ندم وافتقاد، لكن صوت الجحود كان أعلى من دموع الامتنان.
لا تحزن يا محمد يا بنى.. ولا تبتئس، ولا تفقد ثقتك في أحبابك المصريين بالملايين.. كنت مصدرا لإسعادنا وستظل، لأنك كمال الخلق مع كمال الموهبة، مع كمال الوطنية. الهجوم الضارى على نجمنا العالمي كان مخالفا تماما للهجوم الضارى في الاعلام الرياضي العالمي علي السنغاليين، وعلي الهمجية التى تصرف بها جمهور السنغال.
الإعلام الرياضي العالمى يدافع عن صلاح.. وعندنا يهاجمه الجاحدون. نعم نحزن لضياع الفوز، لكن الغضب الجامح نار تحرق الفرص التالية. فلنتعقل. ولنمتن ولا نجحد، بل نشجع ونتعلم ونضع الخطط ونطور ونربى مواهب جديدة، لا أن نحطم أجمل ما وهبنا الله متمثلا في هذا الشاب الموهوب، رمز مصرى محترم. يتردد إسمه وإسم مصر في أنحاء الدنيا. لقد فاز ساديو مانيه.. فهل جاء ذكره في صحافة العالم، مرئية ومقروءة كما جاء ذكر محمد صلاح بكل التعاطف والمساندة؟
آفة بلدنا.. ومع كل الاعتذار للأصلاء هى النسيان! بل الجحود.. عند أول غلطة !