الرجل الطيب ابن أم طيبة
لا يمكن بسهولة استخلاص نتائج علمية محددة عند التجريب على العلاقات الاجتماعية، لأن القياس فيها ليس كميا، كما الحال في العلم الكمى والتجريبي، لكن حب المرأة واحترامها بالذات يمكن أن يكسر هذه القاعدة المعروفة. أساس هذا الاستخلاص هو البيت، وبالذات، الأم، والحق أن الأم هي البيت والبيت هو الأم، ولا معنى لأى عمارة بدون صوت الأم، ومن علمته أمه معنى البيت، فقد علمته معنى الأسرة، ولا أسرة بدون زوجة. محظوظة هى كل امرأة تزوجت رجلا أحسنت أمه تربيته، فجعلته يحترم هذا الكيان الرقيق.
تابعت احتفال الدولة، وعلى رأسها رئيس البلاد، بالمرأة وتكريم المثاليات، وكالعادة كان التأثر البالغ يكسو ملامح الرئيس، وكان انحناؤه ليقبل كف سيدة مسنة، وكانت فرحته جلية وهو يشد على أيدى المكرمات.. هذه كلها تعنى أن من يفعل هذا خرج من بين يدي سيدة أحسنت تربيته.
حب الأم
كل رجل يحترم المرأة، ويوقرها، وينزلها منزلة طيبة في قلبه، هو نبت بيت فيه أم صالحة. الرجل الذي يحب المرأة، ويكرمها ويزيد عليها من فضله وخيره، هو رجل غمرته أمه بالحنان، وهو رجل عرف مذاق الحب، فأحب أمه ومن حبها فاض قلبه على كل النساء، لا يغيره مال ولا منصب. وحين نقول إن على الرجل أن يكرم المرأة وأن يزيد عليها من فضله، فليس المقصود الإنفاق المادي، وهو مطلوب بالطبع، بل الإنفاق العاطفى، إعطاء الحنان، والوجه السمح البشوش..
وقد نقول إن السيدة انتصار السيسي حرم السيد الرئيس سيدة محظوظة حقا، فهى قرينة رجل أحب أمه فأحب كل الأمهات ووقر كل السيدات..
تعلمت الحب، أنا أيضا من أمى رحمها الله رحمة واسعة هي ووالدي وأخوى وأختى. كانت فيضانا متدفقا من العاطفة بلا حدود، ومن التضحية بلا أنانية، وتحملت صابرة أعباء تعليمي بين المنصورة والقاهرة، في السبعينيات، وجعلت منى مستودع آمالها وأحلامها، فلم أخيب رجاءها ولم أخذلها أبدا، بل مكنننى الله أن أعوضها وأن أرضيها وأن أسعدها.
كانت إذا حزن صوتها فى التليفون، أهرول عائدا إلى المنصورة، أخاف أن تكون غضبت منى أو على. استرضيها حتى ترضى.. وتتبسم. حين احتضارها وأنا على رأسها وإخوتى لفظت كلمة لاتزال أركاني تهتز لوقعها: مش عايزة أموت علشان بحبك يا محمد.. عشرة ع الغالي يا بنى.. الله يرحمك يا أمى..
الأم الطيبة المسئولة، تخرج ابنا طيبا مسئولا. الأم التى تظلل وتعشش تنبت رجالا يحافظون على نسائهم، بالمودة وبالحب وبالرحمة. ولا يتوازن البيت قط بحنان رجل وجحود زوجة.. فتعلمن من الأمهات كيف حافظن علي البيوت.. من أجل الحفاظ عليكن.. وهذه مسألة مركبة تحتاج المزيد من التحليل، على خلفية التدهور الاجتماعي الجارى في العلاقات الزوجية الشابة..
كل سنة وأنت طيبة يا كل أم عظيمة كأمى.