لماذا ترفض السلفية السودانية تلقي التبرعات الخيرية من خارج مؤسساتها وأنصارها؟
تملك السلفية في كل بلدان المنطقة طقوس خاصة بها، جميعها تتصالح مع فرضية أنها الفئة الناجية، ولها ما يميزها عن سائر المسلمين، ومن هذا المنطلق تتبع تصرفات غريبة، مثل تلك التي تفرضها السلفية السودانية ولاسيما السلفية الجامية، التي ترى أن جمع الأموال ولو للفقراء والمساكين قد يصبح الباب الأول لإفساد الدعوة السلفية.
السلفية ونظرتها للمال
وتقول السلفية السودانية أن التبرعات قامت على كواهل السّلفيِّين، وعلى ما عندهم من المال القليل والفقر الكثير، ولكنها لم تتوسع أبدًا أو تحاول الخروج عن مساحتها السلفية لما هو أبعد.
وترى السلفية السودانية أن تلقِّي الأموال من مؤسسات أو أشخاص غير سلفية، سيؤدي بالتبعية إلى ضياع السلفي، وتحذر طوال الوقت من تلقى أي مال تراه «أجنبيا»، بعيدا عن العباءة السلفية.
وبعيدا عن السلف، توضح المصادر المعنية بالفكرة، أن السلف في العموم يتخوفون من اختراق صفوفهم، سواء من المنتسبين للتيارات الدينية الأخرى، أو الذين يريديون معرفة أوجه الصرف السلفية، إذ يحق لمن يتبرع معرفة مصادر الدخل ولاسيما إن كانت تبرعات ضخمة من مؤسسات أو رجال أعمال أو غيرهم، ما يضيق على السلف، وأساليبهم في نشر الدعوة السلفية، مما يعني ضربة في مقتل للفكرة ومستقبلها.
عن السلفية وتاريخها
والسلفية هي اسم لمنهجٍ يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والأخذ بنهج وعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين وتابعي التابعين، باعتباره يمثل نهج الإسلام، والتمسك بأخذ الأحكام من كتاب الله، ومما صح من أحاديث النبي.
وتتمسك السلفية بالنقل الكامل لكل ما كان يدور في عصر الصحابة، ولا تخرج عنه قيد أنملة، وتقوم في جوهرها على التزام منهج القدامى في فهم النصوص الشرعية، وتعتبرهم وحدهم المرجع الجامع، الذي يجتمع عليه السلفيون، وبهذا يلتزمون أيضا بكل ما تعنيه السلفية في اللغة، من حيث الرجوع للسابقين زمنيًا في كل شيء.
وبرزت السلفية بهذا المصطلح على يد الإمام ابن تيمية في القرن الثامن الهجري، ثم جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وقام بإحياء الفكرة من جديد بمنطقة نجد في القرن الثاني عشر الهجري، وانتشرت منها إلى المنطقة العربية والإسلامية، ومن أهم أعلامها، عبد العزيز بن باز، ومحمد ناصر الدين الألباني، ومحمد بن صالح بن عثيمين، وصالح الفوزان.