المذيع والبيض!!
الإعلامي الشاطر ليس الأعلى صوتا ولا الأكثر بقاء أمام جمهوره يرتجل لهم وعليهم حتي الصباح.. الإعلامي الشاطر من يمتلك حسا سياسيا يعرف في لحظة ما كيف يخاطب الشارع ويعرف في لحظة أخرى كيف يتباسط إلي حدود وديعة جدا كي تصل رسائله.. ويعرف في لحظة ثالثة كيف ينفعل ومتى ينفعل وعن ماذا ينفعل وإذا خرجت إحداها بعيدا عن الشأن العام ومصالح البلاد والعباد خسر كثيرا!
لكن الإعلامي الشاطر يعرف علي الدوام أحوال الناس جميعهم.. طبقاتهم وفئاتهم.. أنواعهم وألوانهم.. أصنافهم ومعادنهم.. معيشتهم ومشاكلهم.. ينحاز نعم.. ويسرب انحيازه بهدوء.. يدعو للخصخصة كما يشاء وبراءة الذئاب في عينيه.. يروج للتخلص من القطاع العام -أموال الشعب وظهر الوطن وسنده - وذات البراءة في عينيه.. يطعن في فترة تاريخية معينة لأسباب تخصه وتخص من يعمل لديهم ويحصل علي راتبه منهم ولكن لا تخص الحقيقة ولا الناس في شئ.. وكل ما سبق يمر وقد مر بالفعل.. بلعناه واكلناه وشربناه..
لكن أن نتحدث في انقطاع عن الواقع وانفصال عنه وفي لحظة صعبة بين الناس والأسواق.. بين الماء وبين النار.. ونتصور أن شعبنا أو أغلبه أو حتى كتلة كبيرة منه تعرف "الاورجانيك" ونتصور أن "البسطرمة" قد تقلل من كلفة طبق "البيض" لمؤاخذة المقلي.. نكون لا نعرف أحوال المواطن البسيط ولا فوق البسيط ولا البسطرمة ولا البيض لمؤاخذة..
ونكون قد امتلكنا القدرة علي استفزاز الناس وإغضابهم وليس العكس.. حتى لو كانت النية طيبة تستهدف تهدئة الناس وشرح أدوات التعامل الشعبي مع الغلاء والوعي بقوانين العرض والطلب وكيف نفعلها رغم أن حكومات العصور السابقة ألغت التسعير الجبري ووقعت اتفاقيات الجات دون أن تهتم لا بالحماية ولا بالمستهلك نفسه.. والنتيجة أمام الجميع عن مثل هذه البرامج وهؤلاء الاعلاميين.. والعينة بينة.. ترك الناس كل شئ وتذكروا البسطرمة والأورجانيك والبيض والمذيع.. أو المذيع والبيض.. لمؤاخذة !