إلى ابنتي
ألا تتزوج الفتاة مطلقا، هو أكرم وأشرف لها من أن تقع تحت رحمة من لا يرعى الله فيها ولا في إنسانيتها، فيعتبرها مطية أعطاها القدر له كي يضربها متى شاء وفقما شاء، وخاصة إذا كانت بلا سند أو حائط أسري متين يقف لها درعا واقيا، يحميها من بطش زوج لا يعرف إلى الإيمان بالله سبيلا.
يذهب بي الخيال سنوات إلى الأمام، وقد أملت أن يمد الله فى العمر، كي أرى حياة ابنتى بعد أن تصبح شابة يافعة، ويأتى لها نصيبها، أفرح نعم، ولكن تخبو فرحتى وتتوارى حين يعبر طيف حياة بائسة تعيشها مع زوج خسيس متوحش، أو ذى صفة تنتقص من الرجولة المفترضة تجاه الأنثى.
ورغم أن الزواج سنة الله فى الكون لإعمار الأرض، وحفظ النوع، وهو السبيل إلى السكن والرحمة، يحوله بعض شياطين الإنس إلى كأس من العذاب والشقاء والبؤس، فتنطفئ الفرحة، وتولى السعادة إلى غير رجعة وتغيب فى سجلات المحاكم.
أحيان كثيرة أتمنى أن تظل صغيرتى، حبيسة ضفتي ذراعاي، لا تفارقهما، تنعم وتكرم فى رحاب حنان أبيها، وهو الذي لا يمل ولا يكل، لا يتطاول لا يُشقي ولا يؤلم، وما يضرها وقد باتت تملك مفردات حياتها، صاحبة قرار إكمال مسيرتها وفق ما تشاء كما ربيتها وفق قواعد الدين والأخلاق.
ليس شرطا أن يكتمل وهج الفتاة بالزواج، فربما يكون هذا الارتباط إذا لم يكن الاختيار صالحا، انطفاء للروح، وعلة في الجسد، وغصة فى الحلق، وشوكة في الظهر.
بنيتى، أنت بذاتك وكيانك وعلمك وعملك منظومة متكاملة، فلا تضطرين للاقتران بأشباه الرجال، خوفا من فوات قطار الزواج، فقد تستقلينه نعم مرغمة، تحت وطأة العمر والمجتمع، ولكن يشاء الله أن يحدث المكروه لهذا القطار بمن فيه.
أنت بذاتك ملكة متوجة في واحة أسرتك، والى أن يأتي النصيب الصالح، لا تفزعى بينتى من همهماتهم أو تساؤلاتهم، فلم يعد ارتباط عبثي عنوانا لاكتمال حياة.