الوزير والنواب!
يحدونا أمل عريض أن يتبوأ تعليمنا بما يمتلكه من أدوات تكنولوجية ومناهج مستحدثة تتأبى على الغش كما تتأبى على الحفظ أن يثمر منظومة صانعة للبهجة وجاذبة لأبنائنا، لا عشوائية فيها ولا ارتجال ولا دروس خصوصية ولا استغلال، وأن ينتج أجيالًا أكثر وعيًا وإدراكًا بمتطلبات المستقبل، وأن يغرس في قلوبهم محبة المدرسة والمعلم والمنهج والوطن، ويحقق لهم متعة تمسح عنهم عناء التحصيل الدراسي لا أن يكون عقابًا يحملهم فوق طاقتهم من الكتب المدرسية ومن حشو المناهج والمعلومات ما تضج به عقولهم وتضيق به صدورهم وذاكرتهم.
يحضرني ما جرى من مناقشات ساخنة بين أعضاء مجلس النواب والوزير د.طارق شوقي حول التعليم وتطويره وأزمة رابعة ابتدائي وهي مناقشات أظهرت غياب الرضا المجتمعي عن المنظومة الحالية للتعليم.
وردًا على أسئلة النواب حول صعوبة منهج رابعة ابتدائي قال الوزير: "نحاول أن نقدم للتلاميذ المنهج نفسه الذي يحصل عليه أقرانهم بمختلف دول العالم.. يجب أن ننسى كلمة الامتحان، فما يوجد هو تقييم المنهج وليس امتحانًا يخيف الطلبة.
نصائح الوزير
ووجه الوزير نصيحة للجميع قائلًا: "اجعلوا الطلبة يستمتعوا بالتعليم من خلال ريتم هاديء، ويحصلوا على أفضل ما فيه.. فإن لدينا ولأول مرة خطة لتطوير التعليم وإطارًا عامًا للمناهج وهو ما لم يكن موجودًا من قبل.. أول مرة نبقى عارفين رايحين على فين.. لم نبدأ التطوير من رابعة ابتدائي كما يقول البعض وإنما التطوير بدأ من الصف الأول الابتدائي لكن "الدوشة" سببها أننا "شايفين" كتب سنة رابعة كبيرة.. رغم أن منهجها بشهادة مؤسسات دولية من أفضل المناهج".
أضاف الوزير: “لو عاوزين ننتشل أولادنا لفوق مش حنقعد نجلد في بعض. مشروع التطوير مش هزار ولا نزهة ولا بديل عنه. الكتب دي على أعلى مستوى في العالم، وسوف ننافس بها دولًا كبرى مثل فنلندا”.
أما عن حجم الكتب فسوف يكون هناك –والكلام للوزير- تسلسل ونخاطب المدارس بالتماشي مع تسلسلها الطبيعي. ما أوضح أن أزمة تلك المناهج أنها أكبر من مساحة العام الدراسي في مصر والذي يصل ل 100 يوم بينما يتعدى ال 180 يومًا في الدول الكبرى وهو ما يخلق فجوة لدى الطالب المصري الذي يدرس فقط مائة يوم في العام..بينما يتوقف عن الدراسة بقية العام.
مناقشات الوزير والنواب تطرقت لقضايا عديدة؛ وتناولت العجز في عدد المدرسين وكثافة الفصول حتى أن نائبًا قال إن الوزير صنع البدلة قبل أن يصنع قماش البدلة مطالبًا بوضع أولويات والتدرج في التطوير.. بينما قال نائب آخر: إن طريقة تعامل الوزير مع منظومة التعليم يشوبها فشل في التخطيط.. فكيف يكون لدينا عجز 250 ألف مدرس وننتظر أن يحدث التطوير المنشود..
وقال آخر: منظومة التطوير لا وجود لها إلا في عقل الوزير فقط؛ فلا أحد من مساعديه يعلم شيئًا من تفاصيلها.. الوزير يتعامل مع التعليم كأنه سلعة، مخالفا للدستور الذي يجعل التعليم أمرًا يجب أن تكفله الدولة، وأن المعلم أساس المنظومة التعليمية؛ ومن ثم فتوفيق أوضاعه ضروري لنجاح تلك المنظومة، ولابد من خطة عملية للتغلب على كثافة الفصول ومتطلبات المدارس حتى نرى تطويرًا حقيقيًا لا صوريًا في المناهج، وأن تنتهي ظاهرة الدروس الخصوصية.