الجمهورية زاخرة بكبار الكتاب
الإعلام وفي القلب منه الصحافة رسالة تنوير وإفصاح ووسيلة ديمقراطية يراقب بها الشعب حكومته وممثليه في البرلمان، ونافذة تثقيف للعقل وتحريره من أوهام الجهل والتعتيم.. والأهم أنه حائط صد ضد محاولات استهداف العقل وأركان الدولة.
وليكن ما حدث بعد يناير حاضرًا في الأذهان لنتذكر كيف ضرب الانفلات كل شيء في مصر واهتزت بسببه منظومة القيم وساعد الإعلام للأسف على تكريس العنف وضيق الصدور بحق الاختلاف وها هي الدولة تسعى لإصلاح ما أفسده إعلام ما بعد يناير.
جريدة الجمهورية التي نحتفل بعيد تأسيسها ال68 هذه الأيام لها باع طويل في نشر الثقافة، فلم تقتصر منذ انطلاقها على مجال الصحافة من رأي وخبر وتحقيق وتقارير تتناول الشأن العام فحسب بل جعلت توفير الخدمات الاجتماعية والثقافية هدفًا تسعى إليه، لتقديم زاد حقيقي في التثقيف السياسي والأدبي والعلمي والرياضي.. الجريدة أرادتها ثورة يوليو لسانًا ينطق باسمها ويتبنى قرارها ومواقفها؛ لكنها أخلصت لقرائها وسايرت الأحداث الكبرى وناصرت قضايا وطنها وأمتها وناضلت ضد الاستعمار ومدت يد العون لحركات التحرر في سائر قارات الدنيا وقاومت الإمبريالية الظالمة.
جريدة للشعب
وقد أريد لجريدة الجمهورية أن تكون صحيفة رأي لكنها سرعان ما تجاوبت مع متطلبات العصر وتحولت كغيرها من بنات زمانها إلى صحافة الخبر الذي تربع وقتها على عرش الصحافة وانفرد بها قبل بزوغ ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وهكذا انتقلت الجمهورية بقدرة مدهشة من جريدة للثورة إلى جريدة الشعب؛ تدافع عن حقوقه، وتتبنى قضاياه وتخاطب جمهورًا عريضًا متنوعًا يجد ضالته المنشودة على صفحاتها وأبوابها المختلفة؛ ومن ثم اكتسبت مكانتها ليس لكونها بنت الثورة بل بحسبانها صوت الشعب وساعده الأيمن في نيل حقوقه ودرء الظلم عنه.
وفي مسيرتها تاريخ عريق إزدان بعمالقة الفكر والأدب؛ فعميد الأدب العربي طه حسين كان واحدًا من رؤساء تحريرها وهو ما جعلها ديوانًا للأدب ونبراسًا للثقافة.. كما أسهم في تحريرها كبار الكتاب ليس في الأدب وحده بل في الفنون والقانون والتاريخ والدين والطب والعلم ويضيق المقام عن ذكر هؤلاء القامات الأفذاذ.
ويعتريني شعور بالفخر كوني واحدًا ممن عملوا في جريدة الجمهورية سواء كنت محررًا أو مسئولًا عن إدارتها.. وأفخر بأني تعلمت على أيدي رواد يتقدمهم أستاذ الأساتذة جلال الدين الحمامصي؛ مرورًا بالقدير محسن محمد وانتهاء بالكاتب الكبير سمير رجب.. وغيرهم ولهم جميعًا كل التقدير والامتنان.. ولجريدة الجمهورية كل الأمنيات بأن تبقى ومعها كل إصدارات دار التحرير نافذة للتنوير يطل منها القراء ويجدون فيها ما ينفعهم وما يمكث في الأرض..
كتاب الجمهورية
كل عام وجريدة الجمهورية الحبيبة بخير وكل التقدير والامتنان لكل من عمل بها وأخلص لها فهناك يوسف إدريس وفتحي رضوان ومحمد سعاد جلال ويحيى حقي ودكتور عبدالحميد يونس ودرية شفيق ويوسف السباعي وبيرم التونسي وألفريد فرج ومحمد الحيوان ومحمد العزبي وعبدالحميد سرايا وحافظ محمود ورجاء النقاش وفؤاد دواره وجلال السيد ناصف سليم ونعمان عاشور وأحمد عباس صالح عبد الرحمن الخميسي وعواطف عبدالجليل ومحمد انيس وأحمد حمروش وأمير اسكندر وخليل حلمي عازر وعبد العظيم رمضان وسعد الدين وهبه وجلال الدين الحمامصي وموسى صبري وإبراهيم نافع وطه حسين وحسين عبدالرازق..
بالإضافة إلى أميمة أبو النصر وكامل زهيري وابراهيم الورداني وعلي الدالي وجلال السيد ومحمد شكري عياد وسيد عبد الرؤوف وفتحي عبدالفتاح وماهر داوود وعبد الرحمن فهمي ورائد عطار وراجي عنايت ومحسن الخياط وأحمد طوغان وعبدالمنعم القصاص وسامي داوود واحمد رشدي صالح وعبد الرحمن الشرقاوي ومحمد عودة وسعد مكاوي ومحمد حمودة وإسماعيل الشافعي وعبداللطيف فايد وفاروق منيب وعبدالعزيز عبدالله وناجي قمحة ومحمد فودة.. وغيرهم وغيرهم تشمل كتاباتهم معظم الاهتمامات المعرفية والثقافية، إن لم يكن جميعها.
ويبقى أخيرًا أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقع بيده طلب إنشائها ثم خط بقلمه افتتاحيتها الأولى بحسبانها ابنة ثورة يوليو وإحدى ثمراتها.. كما قدم السادات 800 جنيه وقتها كضمانة شخصية حتى توافق إدارة المطبوعات على إصدارها ثم عمل مديرًا عامًا لها، ورئيسًا لمجلس إدارتها وكتب فيها الكثير من المقالات ويكفيني أنني جلست على مكتب الرئيس الراحل السادات بعد أن كان مهملًا وقمت بإصلاحه واعتبرته ثروة تاريخية لزعيم مصر قائد الحرب والسلام.
الجمهورية تاريخ طويل من الإبداع والتميز والأسماء البارزة فتحية لهم جميعًا رحم الله من فارق الحياة منهم وأطال الله في عمر من بقى.