أمانة الاستخلاف
يقول عز وجل ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) ما هي الأمانة؟ وهل السموات والأرض كانوا أعقل من الإنسان بإشفاقهم من حمل الأمانة ورفضهم تحملها؟ وهل كانت مدركة مدى خطورة الأمانة؟
عزيزي القارئ من خلال سطور هذا المقال سوف أجيب عن هذه التساؤلات، في البداية نعرف ما هي الأمانة، الأمانة هي أمانة الاختيار والتكاليف الشرعية التي كلف الله تعالى بها حامل الأمانة وهي تدور حول أفعل ولا تفعل. بين الأمر والنهي والالتزام بالحدود التي شرعها الله تعالى والتسليم لله عز وجل في قضاءه وقدره والرضا بحكمه سبحانه والتي بأداءها تتحق الخلافة التي أرادها الله تعالى في الأرض، والتي تتمثل في ثلاث هي، عمارة الأرض وإثراء الحياة عليها.. وإقامة العدل الإلهي عليها.. وقد تعددت وأخيرا نشر الرحمة بين ربوعها).
تعريف الأمانة
هذا.. وقد تعددت أقوال علماء الظاهر في تعريف الأمانة خلاصته ما ذكرته. ولعلماء الباطن وهم العارفين بالله الملهمين من الله والمفتوح على قلوبهم الذين خصهم الله تعالى بالعلم اللدني المفاض منه عز وجل والمسمى بعلم القلوب.. وعلم الحقائق المشار إليه في تعريف الله تعالى سيدنا موسى بسيدنا الخضر عليهما السلام بقوله تعالى (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا). لهم فهم خاص ومعرفة وتفصيل لمفهوم الأمانة.
ومنها ما قاله شيخي وأستاذي رحمه الله تعالى قال: الإنسان مؤتمن على مملكة تكوينه وجوارحه ومطالب بإكرامها بأداء الأمانة حتى يكن أهلا لفضل الله تعالى وعطاءه. ولكل جارحة في مملكة الإنسان أمانة لها آداء وإكرام.. فإكرام الروح يكن بالذكر.. وإكرام العقل بالتفكر والتأمل في بديع صنع الله تعالى.. وإكرام القلب بتخليته من العلائق والأغيار وطرح حب الدنيا. وإكرام الجسد بحفظه من المعاصي. وإكرام العين بالغض عن المحارم والأعراض. وإكرام اللسان بإمساكه عن الغيبة والنميمة وشهادة الزور والقول الفاحش البذئ. وكثرة ذكر الله عز وجل . وإكرام الأذن باجتناب التصنت والتجسس والإستماع إلى الغيبة والنميمة . وإكرام الكفين بإمساكها عن الأذى. وإكرام الصدر بتطهيره من النفاق والحسد والغل والغش والكراهية والغيرة . وإكرام البطن بتحرى المطعم والمشرب. وإكرام الفرج بحفظه من الزنا وما حرم الله تعالى ونهى عنه. وإكرام القدم بالإمساك عن خطوات السوء والمعصية وكثرة المشى في طاعة الله تعالى.
هذا وهناك أمانات في المعاملات مع الخلق توجب الأمانة والصدق وحسن المعاملة وطيب المعاشرة. ولا يتحقق ذلك إلا بالاستقامة وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله. وسر تقصير الإنسان في أداء الأمانة إتباع هوى نفسه ومخالفة شريعة ربه وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم.
عزيزي القارئ نستكمل بمشيئة الله تعالى الإجابة عن باقي الأسئلة التي طرحتها في هذا المقال في المقالات التالية وفقنا الله تعالى في أداء الأمانة وإقامة الخلافة في الأرض كما أوجبها الله عز وجل..