تحصين الشعوب يبدأ من هنا!
عايشنا بعد أحداث الربيع العربي ظواهر غريبة طفحت بالسلبيات في مجتمعاتنا ورأينا كيف انتشرت دكاكين السمسرة الإعلامية بفعل فاعل لتسهم مع غيرها من العوامل في إحداث حالة فوضى وانفلات طال كل شيء وانقسام وتناحر واستقطاب حاد ضرب بيوت المصريين وهدد تماسكهم وسلامهم الاجتماعي حين تنازعتهم الأهواء وغلبتهم النوازع.. حتى بلغت ذروتها بإحداث فتنة طائفية بين أبناء الوطن الواحد بصورة غير مسبوقة تنفيذا لأجندات لا تخفي على أحد، ولا يزال أصحابها يقفون بقوة خلف ما يحدث في سوريا والعراق وليبيا واليمن والجزائر وأفغانستان وغيرها من دول ضربتها رياح الفتن والاضطرابات.
والسؤال الذي لا مفر منه: ماذا نفعل لتحصين شعوبنا من وباء الفتن ورياح الفوضى.. والجواب: إذا تغلب الوعي الصحيح على الوعي الزائف أو الكاذب..فإذا نجحنا في خلق مثل هذا الوعي لدى المواطن يمكننا القول باطمئنان إننا كسبنا المعركة؛ فوعي المواطن الرشيد كفيل دون غيره بإفشال سيناريوهات الفوضى.. ومن ثم فلا غرابة والحال هكذا أن تسعى الدولة بكل قوة لبناء منظومة تعليم صالح تبني العقل الواعي والفكر الناضج واليقين الصادق، ولا تدخر وسعًا في توفير الإمكانيات ومضاعفة مخصصات التعليم والصحة حسبما صرح بذلك وزير المالية أخيرًا.
مواجهة الفكر الضال
ولا تقف حدود نشر صحيح الوعي عند حدود الاهتمام بالشأن المحلى والانكفاء على همومنا الوطنية بل لابد من استعادة دور مصر الحضاري وتمتين علاقاتها الثقافية مع دوائر أمنها القومي عربيًا وإسلاميًا وأفريقيًا.. وكم نرجو لمواكب الثقافة المصرية وقواها الناعمة أن تعود لتشق طريقها من جديد وصولًا لتلك الدوائر فائقة الأهمية وللأشقاء في كل الاتجاهات والمسارات، فحدود أمننا القومي تبدأ من حيث يمكن أن تهب رياح الفتن وتعكير الصفو الوطني؛ فمثل ذلك الدور يأتي استكمالًا لمشوارها الحضاري واستنادًا لما يحظى به أزهرنا الشريف والكنيسة القبطية من مكانة تاريخية رفيعة في العالم أجمع..
ولا أقل من البناء على ذلك الميراث الحضاري، وأن يجتهد رجال الدين ومعهم أهل الفكر والثقافة والإعلام لتجديد الفكر الديني وتصحيح المفاهيم المغلوطة وبناء مفاهيم دينية صحيحة تكون نواة سليمة لإيمان رشيد لدى شبابنا في مواجهة الفكر الضال والمنحرف الذي يغرر بهم فكريًا ووجدانيًا وعقيديًا ويجعلهم هدفا سهلًا لمن يريد استغلالهم سياسيًا لتنفيذ مخططات تخريبية للإضرار بمصر..
حتى أنهم يستهينون بأرواحهم وأرواح غيرهم بلا سند قويم من صحيح الدين في غيبة أي دور تربوي فعال للأسرة والمدرسة وضعف التعليم وتهافت الخطاب الديني والثقافي والإعلامي؛ الأمر الذي يجعل شبابنا يعاني واقعًا اجتماعيًا وسلوكيًا وأخلاقيًا لا ترضى به الضمائر السوية مثلما حدث من مهازل أخلاقية في مارينا والساحل الشمالي والإسكندرية هذا العام.