رئيس التحرير
عصام كامل

صناعة الخبز فساد وأزمات إدارية

للمصريين مع رغيف الخبز قصة بدأت منذ عام 4000 ق.م، عندما إكتشف المصريون خميرة الخبز وإختاروا  الدقيق من  القمح على غيره من الحبوب في تحضير الخبز بدءًا من الألف الثالث ق.م.. ولأن الخبز يمثل أهمية بالغة في حياة المواطن المصري لذا يسميه العيش الذي يعني الحياة، وهذه التسمية لا توجد إلا في مصر، وكان شعار ثورة يناير (عيش- حرية- عدالة اجتماعية) أي العيش قبل الحرية بالنسبة للمواطن المصري الكادح، لذا فإن صناعة رغيف الخبز محفورة في وجدان المصريين..

 فالخبز مرادف للحياة وعليه يعيش أغلب شعب مصر ومن الممكن أن يخلو البيت المصري من أي مصدر للطعام إلا رغيف الخبز، فلا يخلو منه بيت سواء في الصعيد أو في الريف وسواء في المدن أو القرى، وفي العهد الفرعوني كان  المصريون يخبزونه من ناتج الأرض وكان يمثل لهم خبز الحياة، وللأسف في العصور المتأخرة أصبح من أهم أسباب أزمة الخبز تتمثل في الاعتماد على إستيراد القمح، وذلك بسبب تقليص مساحة زراعة  القمح، مع سوء التوزيع وسوء إدارة صناعة رغيف الخبز نتيجة تفشي الفساد، مع الزيادة الكبيرة في السكان كل ذلك يلتهم الإنتاج والمخزون.

 

والحل من وجهة نظري لا يكمن في زيادة سعر الخبز او نقص حجمه وحسب، بل يكمن في التصدي بحزم وحسم لعلاج الفساد المستشري وبقوة داخل منظومة الخبز  من التاجر حتى مسئولي وزارة التموين في كل محافظة.. 

على فترات متباينة شهدت منظومة دعم الخبز، وخاصة خلال السنوات القليلة الماضية، العديد من الإجراءات الرامية إلى ضمان وصول الدعم لمستحقيه، بدأت بالكارت الذكى للخبز ونقاط الخبز، وتحويل نظم الإستفادة فى باقى السلع التموينية إلى الدعم النقدى بدلًا من العيني، بحيث يختار المواطن المستحق للدعم ما يحتاجه بالفعل دون فرض سلع تموينية محددة على بطاقته، وأخيرًا خفض وزن رغيف الخبز من 110 جرامات إلى 90 جرامًا لرفع كفاءة منظومة دعم رغيف الخبز والحفاظ على المواصفات والجودة والإتاحة.

ومؤخرا وبعد توجيهات الرئيس السيسي للمسؤولين عن منظومة الخبز بإعادة النظر فى تحديد سعر بيع رغيف الخبز المدعم، خاصة وأن منظومة الدعم تتضمن العديد من الفئات غير المستحقة، والتى تحول دون وصول الدعم لمستحقيه.

وإذا تطرقنا الى القرار المحتمل صدوره بين لحظة وأخرى، بشأن رفع سعر رغيف الخبز المدعم، حيث يعكف المختصين حاليا لدراسة السعر الجديد المتوقع، مع ضمان عدم التأثير بشكل أكثر ضررا على محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجًا، ومدى استفادة الاقتصاد المصري من هذه الإجراءات في ظل ما تنفذه الدولة من مشروعات.

حلول لأزمة رغيف الخبز

أرى أن العلاج الرئيسي لا يتوقف على سعر الرغيف كما ذكرت انفا ولكن يكمن الحل والعلاج في سرعة القضاء على الفساد وتصحيح منظومة الإدارة، وإذا نجحت الدولة في القضاء على الفساد أو على الأقل الحد منه مع معالجة سوء الإدارة، فان هذا سيوفر على الدولة مليارات من الجنيهات من أموال الدعم. وإن كان هناك بالفعل إجراءات اتخذتها الدولة في الحد من الفساد بالتقليل من استخدام الجانب البشري، وذلك يظهر جليا في تطبيق منظومة كارت الخبز ونقاط العيش.

وهناك دلائل وقرائن  تؤكد وصول رغيف الخبز المدعم  إلى غير مستحقيه، بل كان يستعمل في علف الحيوان والطيور لرخص سعره ورداءة صناعته 

وإذا كانت الدولة جادة في وصول الدعم لمستحقيه من خلال رغيف الخبز، فلا بد من حصر الفئات التي تحتاج فعليًا إلى دعم رغيف الخبز وعدم المساس بهذا الدعم، ورفع الدعم عن غير المستحقين من خلال بيانات وحدات الشئون الاجتماعية بوزارة التضامن، كما أن هناك فكرة توفر التكلفة في صناعة رغيف الخبز بإضافة الذرة الشامية إلى القمح في صناعة رغيف الخبز.

فمن خلال القضاء على الفساد وذلك من خلال ميكنة المنظومة واتخاذ قرارات أشد حزما ضد المتلاعبين في المنظومة سواء من التجار أو مفتشي وزارة التموين، وأيضا إيجاد حلول سريعة ومؤكدة لسوء الإدارة كل هذا يجعل الدولة لا تفكر في رفع سعر رغيف الخبز وتجد طرق أخرى توفر بها الإنفاق الحكومي على منظومة الخبز بعيدا عن جيوب المواطن البسيط.

الجريدة الرسمية