رئيس التحرير
عصام كامل

تفشي الكراهية عبر منصات التواصل الاجتماعي! (٢)

مما لا شك فيه أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت هي المرتع الخصب لتفشي الكراهية، وخاصة في زمن كورونا حيث انتقلت الكراهية من الواقع إلى العالم الافتراضي الذي أصبحنا نعيش فيه معظم أوقاتنا، وبعد أن تناولت في المقال السابق اثر خطاب الكراهية على الأفراد عبر منصات التواصل الإجتماعي، اتناول في هذا المقال أثر خطاب الكراهية على الجماعات والمجتمعات الدولية، حيث أدى خطاب الكراهية فى بعض الحالات إلى الإبادة الجماعية، وهذا ما شاهدناه  في بعض الدول وخاصة الفقيرة منها..


ففي أفريقيا رأينا مجازر أقيمت وأناس تم إبادتهم بخطاب الكراهية مثل روندا وأفريقيا الوسطى وغيرهما من الدول التي ينتشر فيها النعرات العصبية والعرقية، وقد ساعدت منصات التواصل الإجتماعي على تفشي ظاهرة الإبادة الاجتماعية في بعض البلاد التي توجد بها أسبابها،  وعلى الرغم من كون منصات التواصل الإجتماعي كانت مجالا واسعا للتعبير عن الرأي وحرية الأفكار، إلا أنها في نفس الوقت ساعدت على إنتشار خطاب الكراهية على مستوى  العالم وبين فئات البشر المختلفة .

خطاب الكراهية والإرهاب
والجدير بالذكر في هذا الأمر وهو خطاب الكراهية أنه لا يوجد له تعريف موحد ومقبول عالميا، على الرغم من انتشاره انتشارا مذهلا عبر الإنترنت، وتعددت الفئات التي تستخدم منصات التواصل الإجتماعي، حتى أصبح لا يخلو بيت سواء في مدينة أو قرية  لا يستخدم أفراده منصات التواصل الالكتروني، والذي يشجع على الإستخدام الأسوء لمنصات التواصل الاجتماعي تخفي مستخدمي هذه المنصات تحت أسماء وهمية، مما يجعلهم يظنون أنهم لا يعاقبون على أفعالهم الشنيعة ضد خصومهم، ولغياب التشريعات أو عدم وضوحها بشأن خطاب الكراهية  شجع الكثيرين على التحريض على الكراهية..

حتى رأينا جماعات عالية التنظيم تستخدم خطاب الكراهية لتجنيد الأفراد وتقنعهم بالإرهاب تحت زعم الدعوة إلى الإسلام، كما وجدنا جماعات تسمى بالنازية الجدد التي تدعو أيضا إلى خطاب الكراهية بكل ما أوتيت من قوة وامكانيات تقنية عبر الشبكة العنقودية، وعليه فخطاب الكراهية يقوض مبدأ التعايش السلمي من خلال كره الاجانب في الدول التي يوجد بها هجرة سواء شرعية أو غير شرعية، وكذلك العنصرية والتعصب، وتصاعد معاداة المسلمين وإضطهاد المسيحيين في بعض البلدان التي تدين بالبوذية وغيرها من الديانات الأرضية المبنية على العنصرية المحضة..

ومحاربة خطاب الكراهية في مثل هذا الحالات هو تطبيق مبدأ المواطنة كنهج أساسي للتعايش السلمي، وخاصة في الدول المتنوعة دينيا وثقافيا، كما أن خطاب الكراهية يساعد على تنامي العمليات الإرهابية، وفي هذه المسألة يذكر الدكتور عاطف الهواري في كتابه أثر خطاب الكراهية على السلم والأمن الدوليين المقرر بالدراسات العليا بكلية حقوق قنا، أن وتيرة العنف والإرهاب قد تزايدت وتفاقمت في الاؤنة الأخيرة،  وأصبحت ظاهرة تبث الرعب في قلوب الناس..

الإرهاب ومنصات التواصل
والذي زاد الطين بلة قابلية الإنترنت للإستغلال من قبل مجموعات الإرهاب والكراهية، مما أدى إلى أن أصبحت العلاقات الإقليمية والقبلية أكثر فوضوية يوما بعد يوم، وأصبح تعقب المشتبه بهم أمرا صعبا لان بعض الأفراد يستخدمون أسماء وهمية وعناوين مزيفة..

حتى أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أرضا خصبة للجماعات الإرهابية لبث رسائل الكراهية،  فتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش) في العراق والشام يستخدم منصات التواصل الإجتماعي من أجل عرض مستجدات أعماله وكذلك للتواصل مع المانحين والمجندين المحتملين انتهى كلامه.

وخلاصة القول أن خطاب الكراهية أصبح القنبلة النووية الجديدة التي ربما تبيد البشرية، وتزرع الفتن في ربوع العالم، لأن سلاح الكلمة والصوت والصورة سار أكثر تأثيرا من السلاح التقليدي، ولربما كلمة خرجت من أناس لا يلقون لها بالا أحدثت وبالا.
وصدق الشاعر عندما قال:   
وَ قَدْ يُرجى لِجُرحِ السيفِ برءٌ وَ لا برءٌ لِما جَرَحَ اللسانُ جِراحات السِّنانِ لها التِئامٌ وَ لا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ وَ جرحُ السيفِ تدملُهُ فَيَبْرى وَ يبقي الدهرُ ما جَرَحَ اللسانُ
الجريدة الرسمية