سر تراجع إخوان تونس!
يوما بعد آخر يتراجع إخوان تونس خطوة إلى الوراء بعد القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد وأطاحت بهم من الحكم.. في البدء هددت قيادة حركة النهضة بالنزول إلى الشوارع والاعتصام أمام البرلمان وأنذرت الرئيس التونسي بإلغاء قراراته التي جمدت نشاط البرلمان وحلت الحكومة وإلا غرقت تونس في العنف.. ولكن بعد التأييد الشعبي والسياسي الواسع لقرارات الرئيس التونسى تراجعت حركة النهضة واكتفت بمطالبة الرئيس قيس سعيد بإلغاء قراراته واعادة البرلمان لممارسة عمله.. وبمرور الوقت أخذت حركة النهضة تتراجع خطوة وراء أخرى حتى وصلت أمس إلى الاعتراف بمسئوليتها عن الأزمة السياسية الراهنة فى تونس ولذلك هى سوف تراجع سلوكها السياسي ومواقفها، ودعت إلى حوار للتوصل إلى توافقات تنهي هذه الأزمة بعد تشكيل لجنة وطنية تتولى الإشراف على هذا الحوار.
وهنا يفرض السؤال نفسه: لماذا يتراجع إخوان تونس على هذا النحو بينما تمسك إخوان مصر قبل سنوات بموقف متشدد ومضوا في سبيل العنف إلى آخر مدى؟!.. وبالطبع يمكن للبعض أن يرى إخوان تونس استفادوا من درس إخوان مصر الذين لم يتم الإطاحة بهم فقط من الحكم وإنما حرموا من ممارسة أى دور فى العملية السياسية وتم حل حزبهم وجماعتهم واعتبارها إرهابية ومصادرة ممتلكاتها ومطاردتهم شعبيا.. فإن درس إخوان مصر مازال ماثلا وقادتهم مازالوا في السجون وفي المنفى خارج البلاد، خاصة وأن إخوان تونس أكثر دهاء من إخوان مصر.
تمكين الإخوان
غير أن العامل الأكثر تأثيرا في تراجع إخوان تونس على هذا النحو الذي نراه يتمثل فى إنهم خسروا الرهان على الدعم الأجنبي والمساندة الخارجية، خاصة من أوروبا والولايات المتحدة.. فإن إخوان مصر نالوا عام ٢٠١٣ دعما خارجيا واسعا، بل وتحريضا على التشدد وممارسة العنف وعدم التراجع أو المراجعة لمواقفهم والإصرار على استعادة الحكم، ووصل الأمر إلى اتخاذ عقوبات ضد مصر وصلت ذروتها إلى وقف المساعدات العسكرية الامريكية، ووقف بيع المعدات والأسلحة الأوروبية التي تحتاجها الشرطة المصرية لمواجهة عنف الإخوان وحلفاءهم من جماعات إرهابية اخرى..
أما في تونس فإن الأمريكان والأوروبيين لم يفعلوا ذلك ولم يدافعوا عن إخوان تونس، حتى البيانات المجاملة لهم ظنوا بها عن حركة النهضة التي شهدت خلافات داخلها بين قادتها الذين اعترف بعضهم بالأخطاء الذي وقعت فيه الحركة وأفضت إلى تلك الأزمة السياسية التونسية.
وهنا لابد وأن يثور سؤال آخر: هل يعنى ذلك أن الأمريكان والأوروبيين راجعوا خطتهم الخاصة بتمكين الإخوان من حكم عدد من بلادنا العربية أم إنهم يرون فقط أن الأوضاع والظروف الراهنة فى بلادنا لا تسمح الآن بذلك وأن خطتهم هذه مؤجلة إلى حين؟!.. أما الإجابة على هذا السؤال فسوف تحتاج لبعض الوقت ولكثير من الترقب والمتابعة لما يدور حولنا.