أسهل طريقة لخسارة الوزن
في حانة صغيرة،
قابلتها بعد عشر سنوات منذ آخر مرة التقينا فيها أو اجتمعنا في مكان واحد.
آخر مرة!
نعم، أتذكرها كأنها كانت بالأمس، يوم تخرجنا. عرفنا النتيجة. ابتهجنا قليلا قبل أن تصافحني وهي تتمتم بصوت خافت: «أشوفك على خير». قالتها وعيناها تشي بأنها المرة الأخيرة، رغم الوعود التي قطعناها بأن الموت وحده سيفرق بيننا.
أخفضت عينيها نحو الأرض ومضت، فيما تسمرت أنا مكاني محملقا في الأفق الممتد كسجادة من العشب الأسود. اليوم حين رأيتها تعرفت على ملامحها بصعوبة، إذ أنها أصبحت أنحف بمقدار النصف عما كانت عليه أيام الجامعة، وفي الحالتين هي جميلة، كانت ممتلئة في غير ترهل، بضة تخطف الأبصار كالشمس في آخر النهار، واليوم صارت موديل انتزعت انتزاعا من على غلاف مجلة «vogue».
سألتها عن سر رشاقتها، فأجابت وهي تسكب كأسا من زجاجة نبيذ عتقه رجل يوناني قبل أن تولد هي بسنوات: «النكد، إنه النكد يا عزيزي»!ظننتها تمزح، لولا الوجع الذي كان يطل من عينيها الجميلتين اللتين لم يغيرهما حزن السنين، وأخذت تحكي لي قصتها دون أن تنطق كلمة، فقط كانت تدير خاتم زواجها حول أصبعها، والذي يكاد يسقط بعدما بات محيطه أوسع من رابع أصابع يدها اليسرى، بينما الدموع تتحجر في مقلتيها.
كوميديا سوداء
شعرت بالخاتم وكأنه قيد يغلها، أو ربما سوار يحمل جهاز تتبع ليشي بمكانها أينما راحت وحلت، وحين لاحظت عيني المثبتتين على الخاتم، أخفت يدها خلف ظهرها في حركة طفولية، ثم تبسمت وراحت ترقص في مكانها وهي تغمض عينيها الباكيتين بدموع جففها الانكسار. تركتها في عالمها، وسألت نفسي هل تقصد النكد فعلا أم أنها أخطأت القول والصواب أنه الاكتئاب ما يفعل بنا ذلك!
راجعت شريط ذكرياتي فجاءت الإجابة الساخرة، في واحد من مشاهد الكوميديا السوداء، فمع الاكتئاب قد يفقد الإنسان شهيته وقد تنفتح على آخرها فيتحول إلى آلة تتناول الطعام بلا توقف، لكن مع النكد يفقد الإنسان شهيته تماما، خاصة وأن النكد يأتينا من أقرب الناس لنا، فيكون وجودهم بمثابة «عملنا الأسود».
آخر مرة!
نعم، أتذكرها كأنها كانت بالأمس، يوم تخرجنا. عرفنا النتيجة. ابتهجنا قليلا قبل أن تصافحني وهي تتمتم بصوت خافت: «أشوفك على خير». قالتها وعيناها تشي بأنها المرة الأخيرة، رغم الوعود التي قطعناها بأن الموت وحده سيفرق بيننا.
أخفضت عينيها نحو الأرض ومضت، فيما تسمرت أنا مكاني محملقا في الأفق الممتد كسجادة من العشب الأسود. اليوم حين رأيتها تعرفت على ملامحها بصعوبة، إذ أنها أصبحت أنحف بمقدار النصف عما كانت عليه أيام الجامعة، وفي الحالتين هي جميلة، كانت ممتلئة في غير ترهل، بضة تخطف الأبصار كالشمس في آخر النهار، واليوم صارت موديل انتزعت انتزاعا من على غلاف مجلة «vogue».
سألتها عن سر رشاقتها، فأجابت وهي تسكب كأسا من زجاجة نبيذ عتقه رجل يوناني قبل أن تولد هي بسنوات: «النكد، إنه النكد يا عزيزي»!ظننتها تمزح، لولا الوجع الذي كان يطل من عينيها الجميلتين اللتين لم يغيرهما حزن السنين، وأخذت تحكي لي قصتها دون أن تنطق كلمة، فقط كانت تدير خاتم زواجها حول أصبعها، والذي يكاد يسقط بعدما بات محيطه أوسع من رابع أصابع يدها اليسرى، بينما الدموع تتحجر في مقلتيها.
كوميديا سوداء
شعرت بالخاتم وكأنه قيد يغلها، أو ربما سوار يحمل جهاز تتبع ليشي بمكانها أينما راحت وحلت، وحين لاحظت عيني المثبتتين على الخاتم، أخفت يدها خلف ظهرها في حركة طفولية، ثم تبسمت وراحت ترقص في مكانها وهي تغمض عينيها الباكيتين بدموع جففها الانكسار. تركتها في عالمها، وسألت نفسي هل تقصد النكد فعلا أم أنها أخطأت القول والصواب أنه الاكتئاب ما يفعل بنا ذلك!
راجعت شريط ذكرياتي فجاءت الإجابة الساخرة، في واحد من مشاهد الكوميديا السوداء، فمع الاكتئاب قد يفقد الإنسان شهيته وقد تنفتح على آخرها فيتحول إلى آلة تتناول الطعام بلا توقف، لكن مع النكد يفقد الإنسان شهيته تماما، خاصة وأن النكد يأتينا من أقرب الناس لنا، فيكون وجودهم بمثابة «عملنا الأسود».