رحلة في عقل "إخواني" (4)
هناك ثلاثة كتب رئيسية
تقوم جماعة الإخوان بتدريسها، تهدف إلى صناعة شخصية تنظيمية لها سمات معينة من خلال غرس بعض
القناعات بداخلها، حتى يكون الفرد متوافقًا مع طبيعة الجماعة وصالحًا لأن يكون أداة
لتحقيق أهدافها، وتتعدد هذه المناهج بتعدد المرحلة التربوية التي يمر بها الفرد، والتي
لكل منها أهدافها ووسائلها وشروطها.
يحتوي كل كتاب منهم على بعض الموضوعات الثابتة من تفسير وحديث وفقه وسيرة وعقيدة، لكن يوجد في كل منهم بعض الموضوعات التي تختلف من كتاب لآخر ويتم صياغتها في أهداف كبرى ينبغي الوصول إليها، ونلاحظ في هذه الموضوعات أو الأهداف أنها متدرجة بحيث تعمل كل مجموعة منها على الوصول إلى مرحلة معينة في صناعة الشخصية التنظيمية، وسوف نتناول في هذا الجزء الكتاب الأول، ثم في الأجزاء القادمة نتناول الكتابين الآخرين.
كتاب "من مبادئ الإسلام"
الهدف الأول: أن يدرك الفرد المهمة التي خلقه الله من أجلها:
ويتناول بعض النقاط، منها الغاية من خلق الإنسان، وهي عبادة الله، ويوضح مفهوم العبادة بأنه مفهوم شامل يشمل كل جوانب الحياة، ثم يتطرق إلى شروط صحة العبادة ويذكر أنها شرطان: الأول إخلاص النية لله، والثاني هو موافقة العمل للشرع.
ويلاحظ هنا أن الكتاب يعتبر أن كل جوانب الحياة تندرج تحت بند العبادات التي من الواجب أن تكون موافقة للشريعة بحيث لا يمكن التجديد فيها وفقًا لما يحدث من تغير وتطور في المجتمع بشكل مستمر، وهو بذلك يخالف التفرقة التي وضعها عدد من العلماء مثل الشاطبي بين العبادات، التي لا يُلتفت فيها للمقاصد ولكن تُنفَذ كما أمر الشرع، وبين العادات التي يُلتفَت فيها إلى المقاصد والمعاني ولا يوجد لها شكل أو تفاصيل محددة لأنها تتغير باستمرار، ومما ينتج عن هذا الفهم لدى الجماعة أنها تعتبر أمور السياسة والحكم من العبادات التي يجب أن تكون موافقة للشرع، وهذا من أسباب سعي الإخوان لاستعادة النموذج التاريخي للدولة الإسلامية وتطبيقه في الواقع؛ مما يجعل هدفهم غير منطقي ولا واقعي.
القرآن والسنة
الهدف الثاني: أن يرتبط الفرد فى معرفته للإسلام بمصدرية القرآن والسنة من خلال أحد يثق فيه:
يسعى هذا الهدف إلى ترسيخ فكرة أن يكون هناك وسيطًا بين الشخص وبين الإسلام، وذلك حتى يقتنع الفرد بضرورة أن يكون عضوًا في الجماعة حتى يستطيع فهم الدين بشكل صحيح. إن مثل هذا الأمر يجعل الإسلام حكرًا على من يدعي أن فهمه للدين هو الفهم الصحيح، ثم بحسب منطق الجماعة هل تتوافر في كل أعضاء الجماعة المسئولين عن تربية الأفراد صفات العلماء الذين يفهمون الإسلام والذين يجب على الآخرين تلقيه منهم! وهل هذا الهدف صيغ بغرض الحرص على أخذ الدين من أهله، أم لترسيخ التبعية التي تُفقد الفرد ثقته في نفسه وتجعله تابعًا لمن يفكر نيابةً عنه ويجره خلفه بسهولة؟
الهدف الثالث: أن يكون لدى الفرد الرغبة في تغيير نفسه إلى الأحسن:
يتناول هذا الهدف مسألة إصلاح النفس ومعالجة جوانب القصور والضعف، وهذا الموضوع يهدف إلى تهيئة الفرد نفسيا وفكريا للربط بين فكرة إصلاح النفس وبين إصلاح المجتمع، حيث ينطلق من فكرة أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن التغيير المنشود للمجتمعات والذي تسعى إليه جماعة الإخوان –حسب تصورها– يبدأ من تغيير الفرد.
الهدف الرابع: أن يبدي الفرد استعدادًا لترك الخلاف حرصًا على علاقته مع الآخرين: ويتناول هذا الهدف فكرة أن الاختلاف أمر واقع بين البشر بطبيعة الحال، ويؤكد على ضرورة ألا يتحول الخلاف في الرأي إلى خلاف مذموم يتسبب في الفرقة والنزاع.
والسؤال هنا هو هل تسعى الجماعة بذلك إلى ترسيخ قيم التعايش وقبول الآخر وتقبل الاختلاف؟
الجماعة والحق المطلق
في الحقيقة أن واقع الجماعة من خلال ممارساتها سواء على مستوى الجماعة أو الأفراد يثبت عكس ذلك، فالجماعة لديها قناعة بامتلاكها للحق المطلق، ولا يتقبل أفرادها رأيًا ولا نقدًا مخالفًا لأفكارها، وتسعى إلى فرض رؤيتها على المجتمع.
لكن الحقيقة أن هذا الموضوع يأتي كوسيلة لترسيخ التبعية وتصوير الاختلاف داخل الإطار التنظيمي على أنه أمر سيء يتسبب في الفرقة، وبذلك يكون الفرد حريصًا على الخضوع للجماعة وتنفيذ أوامر قياداتها والبعد عن إبداء الآراء المخالفة حتى لا يكون سببًا في تلك الفرقة.
الهدف الخامس: أن يعرف قيمة الحياة وسط مجموعة تعينه على طاعة الله:
من أهم الأسس التي يقوم عليها تنظيم الإخوان هي قوة العلاقة بين أفراده والتي يسميها البنا "قوة الوحدة والارتباط"، ويعطي الإخوان لهذه العلاقة بعدًا دينيًا حيث يتم الحديث عنها تحت عنوان "الأخوة الإسلامية" التي تفرض حقوقًا وواجبات على المسلمين عامةً تجاه بعضهم البعض، لكنها في إطار التنظيم تنصبّ على العلاقة بين أفراد التنظيم بشكل أساسي، ويهدف هذا الموضوع إلى ترسيخ القناعة بأن وجود الفرد داخل جماعة يوفر له الكثير من المميزات دنيويًا وأخرويًا، مما يجعله مرتبطًا بالتنظيم ولا يغادره لأي سبب.
الهدف السادس: أن يهتم بأمر المسلمين ويتابع أحوالهم:
يؤسس هذا الهدف لعدة مفاهيم تعبر عن مشروع الجماعة؛ فهو يؤسس لمفهوم الدولة الإسلامية العالمية، كما يؤسس لمفهوم الجهاد كما تراه الجماعة، ويؤسس أيضًا لفكرة امتلاك الحق المطلق وأن الجماعة هي التي تمثل الإسلام.
نظرية المؤامرة
والكتاب ينطلق في إطار الحديث عن هذا الموضوع من "نظرية المؤامرة" وفكرة الصراع الأزلي بين الحق والباطل، ويستعرض في ذلك بذور الصراع منذ البعثة النبوية وما تبعها من مواجهات كانت تستهدف استئصال الإسلام كدين، ثم ينتقل الكتاب إلى الواقع الحالي مستعرضًا أحوال المسلمين اليوم على أنها امتدادٌ لذلك الصراع الذي يستهدف إبادة المسلمين والقضاء على الإسلام، ويترتب على هذ الفهم نتيجة مفادها أن ما يتعرض له الإخوان من أزمات إنما هو بسبب أنهم يمثلون الإسلام ويريدون تطبيق الشريعة!
عند هذا الهدف ينتهي الكتاب الأول، وقد وصل الفرد إلى مجموعة من القناعات التي سوف يتم البناء عليها فيما بعد، وهي تهدف إلى تهيئة الفرد لتقبل الانضمام لجماعة مع الشعور بأهمية ذلك وضرورته، والرغبة في العمل معها وتحقيق أهدافها.
يحتوي كل كتاب منهم على بعض الموضوعات الثابتة من تفسير وحديث وفقه وسيرة وعقيدة، لكن يوجد في كل منهم بعض الموضوعات التي تختلف من كتاب لآخر ويتم صياغتها في أهداف كبرى ينبغي الوصول إليها، ونلاحظ في هذه الموضوعات أو الأهداف أنها متدرجة بحيث تعمل كل مجموعة منها على الوصول إلى مرحلة معينة في صناعة الشخصية التنظيمية، وسوف نتناول في هذا الجزء الكتاب الأول، ثم في الأجزاء القادمة نتناول الكتابين الآخرين.
كتاب "من مبادئ الإسلام"
الهدف الأول: أن يدرك الفرد المهمة التي خلقه الله من أجلها:
ويتناول بعض النقاط، منها الغاية من خلق الإنسان، وهي عبادة الله، ويوضح مفهوم العبادة بأنه مفهوم شامل يشمل كل جوانب الحياة، ثم يتطرق إلى شروط صحة العبادة ويذكر أنها شرطان: الأول إخلاص النية لله، والثاني هو موافقة العمل للشرع.
ويلاحظ هنا أن الكتاب يعتبر أن كل جوانب الحياة تندرج تحت بند العبادات التي من الواجب أن تكون موافقة للشريعة بحيث لا يمكن التجديد فيها وفقًا لما يحدث من تغير وتطور في المجتمع بشكل مستمر، وهو بذلك يخالف التفرقة التي وضعها عدد من العلماء مثل الشاطبي بين العبادات، التي لا يُلتفت فيها للمقاصد ولكن تُنفَذ كما أمر الشرع، وبين العادات التي يُلتفَت فيها إلى المقاصد والمعاني ولا يوجد لها شكل أو تفاصيل محددة لأنها تتغير باستمرار، ومما ينتج عن هذا الفهم لدى الجماعة أنها تعتبر أمور السياسة والحكم من العبادات التي يجب أن تكون موافقة للشرع، وهذا من أسباب سعي الإخوان لاستعادة النموذج التاريخي للدولة الإسلامية وتطبيقه في الواقع؛ مما يجعل هدفهم غير منطقي ولا واقعي.
القرآن والسنة
الهدف الثاني: أن يرتبط الفرد فى معرفته للإسلام بمصدرية القرآن والسنة من خلال أحد يثق فيه:
يسعى هذا الهدف إلى ترسيخ فكرة أن يكون هناك وسيطًا بين الشخص وبين الإسلام، وذلك حتى يقتنع الفرد بضرورة أن يكون عضوًا في الجماعة حتى يستطيع فهم الدين بشكل صحيح. إن مثل هذا الأمر يجعل الإسلام حكرًا على من يدعي أن فهمه للدين هو الفهم الصحيح، ثم بحسب منطق الجماعة هل تتوافر في كل أعضاء الجماعة المسئولين عن تربية الأفراد صفات العلماء الذين يفهمون الإسلام والذين يجب على الآخرين تلقيه منهم! وهل هذا الهدف صيغ بغرض الحرص على أخذ الدين من أهله، أم لترسيخ التبعية التي تُفقد الفرد ثقته في نفسه وتجعله تابعًا لمن يفكر نيابةً عنه ويجره خلفه بسهولة؟
الهدف الثالث: أن يكون لدى الفرد الرغبة في تغيير نفسه إلى الأحسن:
يتناول هذا الهدف مسألة إصلاح النفس ومعالجة جوانب القصور والضعف، وهذا الموضوع يهدف إلى تهيئة الفرد نفسيا وفكريا للربط بين فكرة إصلاح النفس وبين إصلاح المجتمع، حيث ينطلق من فكرة أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأن التغيير المنشود للمجتمعات والذي تسعى إليه جماعة الإخوان –حسب تصورها– يبدأ من تغيير الفرد.
الهدف الرابع: أن يبدي الفرد استعدادًا لترك الخلاف حرصًا على علاقته مع الآخرين: ويتناول هذا الهدف فكرة أن الاختلاف أمر واقع بين البشر بطبيعة الحال، ويؤكد على ضرورة ألا يتحول الخلاف في الرأي إلى خلاف مذموم يتسبب في الفرقة والنزاع.
والسؤال هنا هو هل تسعى الجماعة بذلك إلى ترسيخ قيم التعايش وقبول الآخر وتقبل الاختلاف؟
الجماعة والحق المطلق
في الحقيقة أن واقع الجماعة من خلال ممارساتها سواء على مستوى الجماعة أو الأفراد يثبت عكس ذلك، فالجماعة لديها قناعة بامتلاكها للحق المطلق، ولا يتقبل أفرادها رأيًا ولا نقدًا مخالفًا لأفكارها، وتسعى إلى فرض رؤيتها على المجتمع.
لكن الحقيقة أن هذا الموضوع يأتي كوسيلة لترسيخ التبعية وتصوير الاختلاف داخل الإطار التنظيمي على أنه أمر سيء يتسبب في الفرقة، وبذلك يكون الفرد حريصًا على الخضوع للجماعة وتنفيذ أوامر قياداتها والبعد عن إبداء الآراء المخالفة حتى لا يكون سببًا في تلك الفرقة.
الهدف الخامس: أن يعرف قيمة الحياة وسط مجموعة تعينه على طاعة الله:
من أهم الأسس التي يقوم عليها تنظيم الإخوان هي قوة العلاقة بين أفراده والتي يسميها البنا "قوة الوحدة والارتباط"، ويعطي الإخوان لهذه العلاقة بعدًا دينيًا حيث يتم الحديث عنها تحت عنوان "الأخوة الإسلامية" التي تفرض حقوقًا وواجبات على المسلمين عامةً تجاه بعضهم البعض، لكنها في إطار التنظيم تنصبّ على العلاقة بين أفراد التنظيم بشكل أساسي، ويهدف هذا الموضوع إلى ترسيخ القناعة بأن وجود الفرد داخل جماعة يوفر له الكثير من المميزات دنيويًا وأخرويًا، مما يجعله مرتبطًا بالتنظيم ولا يغادره لأي سبب.
الهدف السادس: أن يهتم بأمر المسلمين ويتابع أحوالهم:
يؤسس هذا الهدف لعدة مفاهيم تعبر عن مشروع الجماعة؛ فهو يؤسس لمفهوم الدولة الإسلامية العالمية، كما يؤسس لمفهوم الجهاد كما تراه الجماعة، ويؤسس أيضًا لفكرة امتلاك الحق المطلق وأن الجماعة هي التي تمثل الإسلام.
نظرية المؤامرة
والكتاب ينطلق في إطار الحديث عن هذا الموضوع من "نظرية المؤامرة" وفكرة الصراع الأزلي بين الحق والباطل، ويستعرض في ذلك بذور الصراع منذ البعثة النبوية وما تبعها من مواجهات كانت تستهدف استئصال الإسلام كدين، ثم ينتقل الكتاب إلى الواقع الحالي مستعرضًا أحوال المسلمين اليوم على أنها امتدادٌ لذلك الصراع الذي يستهدف إبادة المسلمين والقضاء على الإسلام، ويترتب على هذ الفهم نتيجة مفادها أن ما يتعرض له الإخوان من أزمات إنما هو بسبب أنهم يمثلون الإسلام ويريدون تطبيق الشريعة!
عند هذا الهدف ينتهي الكتاب الأول، وقد وصل الفرد إلى مجموعة من القناعات التي سوف يتم البناء عليها فيما بعد، وهي تهدف إلى تهيئة الفرد لتقبل الانضمام لجماعة مع الشعور بأهمية ذلك وضرورته، والرغبة في العمل معها وتحقيق أهدافها.