دروس من "أمير الصحافة" (2)
تبدأ الدروس
التي عنيناها في مقدمة هذه السطور بقصة تعرفه على أحد أهم صناع القرار أثناء العهد
الملكي؛ أحمد حسنين باشا، رحمه الله، والتي يشرح تفاصيلها محمد التابعي.. ويقول:
كنت قد اعتدت في صيف عام 1936، أن أمضي عطلة آخر الأسبوع في الإسكندرية. وفي مساء أحد
أيام شهر يونيو من ذلك العام، وبينما كنت جالسا في عربة "البولمان"،
شعرت بيد توضع على كتفي.. والتفت فإذا بي أرى رجلا أسمر الوجه، نحيف القامة، يقول
لي: "أنا أحمد حسنين".. عرفته على الفور من صوره.
وبعد أن جلس قدم لي سيجارة، وأخرج من جيب سترته ولاعة من الذهب، وأشعل لي السيجارة.. ثم قال: إنه يقرأ كل ما أكتبه في مجلة "روز اليوسف".. استطرد يقول: "وأنت تعرف أن صاحب السمو الأمير فاروق قد عاد من لندن عقب وفاة والده المرحوم أحمد فؤاد.
الملك أحمد فؤاد كما تعرف لم يكن محبوبا من الشعب.. ولكن فاروق يختلف عن أبيه؛ فهو طيب القلب.. كما أنه وطني لا شك في حبه لمصر والمصريين، وهو بعد هذا وذاك يتكلم اللغة العربية بلهجة مصرية.. ولهذا فأنا أرجوك أن تقوم قدر ما تستطيع بالدعاية للأمير فاروق.. لأنه في حاجة حقيقية لأن يدرك الشعب أنه يختلف عن أبيه.. وأن تذكره دائما بالخير، وتشيد بما فيه من فضائل.
دروس من "أمير الصحافة" (1)
كما يروي محمد التابعي حكاية تعرفه بأحد أهم الشخصيات في ذلك الوقت، وهو الدكتور علي ماهر باشا، رحمه الله. فيقول: قدمني إليه صديقان هما: السيد سعد اللبان الذي كان من أنصار علي ماهر.. والآخر كان سري عمر بك، السكرتير يومئذ بوزارة الخارجية.. وقدمني الاثنان إليه، في صيف عام 1929، وكان علي ماهر باشا يومئذ، وزيرا للحقانية. وكنت أزور علي ماهر في مسكنه بمحطة لوران برمل الإسكندرية، طوال صيف 1929. وكان حزب الوفد يومئذ يشن حملات عنيفة على محمد محمود باشا وعلى وزارته.
أما سبب زيارتي لوزير الحقانية، فهو أنه كان يسر لي بكل كبيرة وصغيرة من المناقشات التي كانت تدور في مجلس الوزراء.. كما أنه كان يطلعني على كثير من الأسرار، وكان غرضه من هذا إحراج مركز وزارة محمد محمود. وكنت أنشر في "روزاليوسف" جميع هذه الأسرار.. وكان القراء يعجبون كيف أمكنني الحصول عليها.
أما محمد محمود باشا فكان يضرب كفا بكف.. ويثور غضبا، ولكن لم يخطر بباله أن الذي أذاع هذه الأسرار هو زميله وزير الحقانية.
هكذا كانت علاقات "أمير الصحافة"، بكبار المسئولين التنفيذيين في مصر، ولم يكتف بالتعرف إلى المدراء ووكلاء الوزارات، بل كان الكبار، من وزراء، ورؤساء حكومات، ومسئولي القصر، هم الذين يسعون إلى التعرف إليه، ونيل شرف مصادقته.
حكاية الليبي الذى طردته أمه بسبب فيلم "الرسالة"
أما عن عن رؤساء وقيادات الأحزاب، فيقول هو في مذكراته: إنه تعرف إلى المرحوم مكرم عبيد، سكرتير حزب الوفد وقتها، في حياة سعد زغلول، وقبل أن يخلفه مصطفى النحاس في رئاسة حزب الأغلبية، آنذاك. فقد كانت هناك مجلة تصدر في القاهرة، واسمها "الكشكول".. وكانت واسعة الانتشار.. وكان صاحبها هو سليمان فوزي، رحمه الله.
ولقد دأب منذ عام 1925، أي في حياة سعد زغلول باشا، هو وبعض محرري "الكشكول"، ومنهم المرحومان محمد الهواري، والشيخ عبد العزيز البشري، دأبوا على تجريح الزعماء الوفديين والطعن في أعراض زوجاتهم.
ومن هؤلاء السيدات المرحومة صفية زغلول، أم المصريين، كما لقبها يومئذ، وكذلك أرملة المرحوم مكرم عبيد. وفي عام 1927، بدأت حملة طعن وتجريح وتشهير بسليمان فوزي، صاحب "الكشكول"، في مجلة "روز اليوسف"، ولكنني كنت أكتب دون أن تذكر المجلة اسمي لأنني كنت يومئذ موظفا في قلم الترجمة بمجلس النواب.
وقد سر مكرم عبيد لأنه وجد أخيرا من يجرؤ على مهاجمة صاحب الكشكول. وذات يوم طلب من أحد معارفه من موظفي مجلس النواب أن يدعوني لزيارته في مكتبه لأن مكرن عبيد كان يشتغل يومئذ بالمحاماة.. وكان جميع موظفي المجلس يعرفون أنني أنا الذي أشن حملة الطعن والتشهير ضد سليمان فوزي صاحب الكشكول.. وقابلت مكرم عبيد.. وأصبحنا صديقين.
وبعد أن جلس قدم لي سيجارة، وأخرج من جيب سترته ولاعة من الذهب، وأشعل لي السيجارة.. ثم قال: إنه يقرأ كل ما أكتبه في مجلة "روز اليوسف".. استطرد يقول: "وأنت تعرف أن صاحب السمو الأمير فاروق قد عاد من لندن عقب وفاة والده المرحوم أحمد فؤاد.
الملك أحمد فؤاد كما تعرف لم يكن محبوبا من الشعب.. ولكن فاروق يختلف عن أبيه؛ فهو طيب القلب.. كما أنه وطني لا شك في حبه لمصر والمصريين، وهو بعد هذا وذاك يتكلم اللغة العربية بلهجة مصرية.. ولهذا فأنا أرجوك أن تقوم قدر ما تستطيع بالدعاية للأمير فاروق.. لأنه في حاجة حقيقية لأن يدرك الشعب أنه يختلف عن أبيه.. وأن تذكره دائما بالخير، وتشيد بما فيه من فضائل.
دروس من "أمير الصحافة" (1)
كما يروي محمد التابعي حكاية تعرفه بأحد أهم الشخصيات في ذلك الوقت، وهو الدكتور علي ماهر باشا، رحمه الله. فيقول: قدمني إليه صديقان هما: السيد سعد اللبان الذي كان من أنصار علي ماهر.. والآخر كان سري عمر بك، السكرتير يومئذ بوزارة الخارجية.. وقدمني الاثنان إليه، في صيف عام 1929، وكان علي ماهر باشا يومئذ، وزيرا للحقانية. وكنت أزور علي ماهر في مسكنه بمحطة لوران برمل الإسكندرية، طوال صيف 1929. وكان حزب الوفد يومئذ يشن حملات عنيفة على محمد محمود باشا وعلى وزارته.
أما سبب زيارتي لوزير الحقانية، فهو أنه كان يسر لي بكل كبيرة وصغيرة من المناقشات التي كانت تدور في مجلس الوزراء.. كما أنه كان يطلعني على كثير من الأسرار، وكان غرضه من هذا إحراج مركز وزارة محمد محمود. وكنت أنشر في "روزاليوسف" جميع هذه الأسرار.. وكان القراء يعجبون كيف أمكنني الحصول عليها.
أما محمد محمود باشا فكان يضرب كفا بكف.. ويثور غضبا، ولكن لم يخطر بباله أن الذي أذاع هذه الأسرار هو زميله وزير الحقانية.
هكذا كانت علاقات "أمير الصحافة"، بكبار المسئولين التنفيذيين في مصر، ولم يكتف بالتعرف إلى المدراء ووكلاء الوزارات، بل كان الكبار، من وزراء، ورؤساء حكومات، ومسئولي القصر، هم الذين يسعون إلى التعرف إليه، ونيل شرف مصادقته.
حكاية الليبي الذى طردته أمه بسبب فيلم "الرسالة"
أما عن عن رؤساء وقيادات الأحزاب، فيقول هو في مذكراته: إنه تعرف إلى المرحوم مكرم عبيد، سكرتير حزب الوفد وقتها، في حياة سعد زغلول، وقبل أن يخلفه مصطفى النحاس في رئاسة حزب الأغلبية، آنذاك. فقد كانت هناك مجلة تصدر في القاهرة، واسمها "الكشكول".. وكانت واسعة الانتشار.. وكان صاحبها هو سليمان فوزي، رحمه الله.
ولقد دأب منذ عام 1925، أي في حياة سعد زغلول باشا، هو وبعض محرري "الكشكول"، ومنهم المرحومان محمد الهواري، والشيخ عبد العزيز البشري، دأبوا على تجريح الزعماء الوفديين والطعن في أعراض زوجاتهم.
ومن هؤلاء السيدات المرحومة صفية زغلول، أم المصريين، كما لقبها يومئذ، وكذلك أرملة المرحوم مكرم عبيد. وفي عام 1927، بدأت حملة طعن وتجريح وتشهير بسليمان فوزي، صاحب "الكشكول"، في مجلة "روز اليوسف"، ولكنني كنت أكتب دون أن تذكر المجلة اسمي لأنني كنت يومئذ موظفا في قلم الترجمة بمجلس النواب.
وقد سر مكرم عبيد لأنه وجد أخيرا من يجرؤ على مهاجمة صاحب الكشكول. وذات يوم طلب من أحد معارفه من موظفي مجلس النواب أن يدعوني لزيارته في مكتبه لأن مكرن عبيد كان يشتغل يومئذ بالمحاماة.. وكان جميع موظفي المجلس يعرفون أنني أنا الذي أشن حملة الطعن والتشهير ضد سليمان فوزي صاحب الكشكول.. وقابلت مكرم عبيد.. وأصبحنا صديقين.