دروس من "أمير الصحافة" (1)
كرامة الصحفي من
أهم ما يميز الممتهنين لهذه المهنة الخطيرة عن غيرهم من الموظفين، والمهنيين، مع
احترامنا للجميع. فعلى الصحفي أن
يحتفظ بكرامته، وشخصيته القوية مع مصادره بالذات.. ولو فقد احترامهم له لكان من
الصعوبة بمكان أن يستمر في التعامل معهم بالشكل السليم.
من هنا، على الصحفي أن يحتفظ بنظافة يده، وحسن مظهره، ودبلوماسية لسانه، ورقي تصرفاته، وأن يحترم الصغير والكبير ممن تضطره ظروف العمل إلى التعامل معهم، حتى لو كان تعاملا هامشيا أو مؤقتا.
ومن الصحفيين الذين قرأت لهم، وقرأت عنهم، وأعتبره نموذجا للرقي والنزاهة، وعلو الشأن، وقوة الشخصية؛ "أمير الصحافة" محمد التابعي.
ولد محمد التابعي محمد وهبة، في بورسعيد، وبالتحديد في خليج الجميل في (18 مايو 1896 - 24 ديسمبر 1976). وقد بدأ محمد التابعى عام 1924 بكتابة مقالات فنية في جريدة الأهرام تحت توقيع "حندس".
وكان التابعي في البداية يكتب في "روزاليوسف" بدون توقيع، فقد كان يعمل موظفا في البرلمان المصري. وكادت مقالاته السياسية تفجر أزمة سياسية بين الدستوريين والسعديين.
نصف قرن.. الزعيم يأبى الغياب
واستقال محمد التابعي من وظيفته الحكومية ليتفرغ للكتابة في "روزاليوسف"، وكان سعر النسخة في ذلك الوقت خمسة مليمات مصرية، وتسببت مقالات التابعي السياسية القوية في زيادة توزيعها حتى أصبح ثمنها قرش صاغ. أسس التابعي مجلة "آخر ساعة" عام 1934 وشارك في تأسيس جريدة "المصري"، مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت.
كان محمد التابعي الصحفى المصري الوحيد الذي رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام 1937، وكان شاهدا ومشاركا في العديد من الأحداث التاريخية آنذاك. اشتهر التابعي بأنه صحفي يتحقق من معلوماته قبل نشرها، وكان يحصل على الأخبار من مصادرها مهما كانت. وكان أسلوبه ساخرا عندما يهاجم، لكنه كان رشيقا مهذبا وأصبح صاحب مدرسة خاصة في الكتابة الصحفية.
من ضمن أسلوب التابعى الساخر أن أطلق أسماء هزلية على بعض الشخصيات السياسية المعروفة، وكان يكفى أن يشير التابعي في مقال إلى الاسم الهزلي ليتعرف القراء على الشخصية المقصودة.
تم تأليف العديد من الكتب عنه، ومنها سيرته الذاتية في جزئين بقلم الكاتب الراحل صبري أبو المجد، وكذلك "من أوراق أمير الصحافة"، بقلم الكاتب الصحفي محمود صلاح، كما ألف عنه حنفي المحلاوي كتاب "غراميات عاشق بلاط صاحبة الجلالة"، وهو يحكي عن أشهر غراميات التابعي في مصر وفي أوروبا، فقد كان التابعى "دون جوان" الصحافة المصرية، كما كان أميرها ومؤسسها وله العديد من العلاقات المقربة مع مشاهير وأمراء في كل بلاد الدنيا.
سر الإنقلاب!
وقال عنه تلميذه مصطفى أمين: "كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط على الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار". تتلمذ على يديه عمالقة الصحافة والسياسة والأدب مثل: محمد حسنين هيكل، ومصطفى وعلي أمين، وكامل الشناوي، وإحسان عبد القدوس، وأحمد رجب وغيرهم.
ومن الأقوال التي نطق بها، وخلدها التاريخ:
"لقد خلعوا على الصحافة لقب "صاحبة الجلالة"، لكن صاحبة الجلالة تحمل على رأسها تاجا من الأشواك! فالصحفي يكتب وسيف الاتهام مسلط فوق رأسه، وقليلون منا، نحن الصحفيين، هم الذين أوتوا الشجاعة لإبداء رأيهم، ولا يبالون أن يتهموا في نزاهتم، وأنهم مأجورون ينالون ثمن مقالتهم من دولة ما أو من جهة ما.. إذا كتب الصحفى اتهم في نزاهته، وإذا لم يكتب اتهم في شجاعته بأنه لا يؤدى واجبه ورسالته".
"رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أيا كان، وأن أقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت في ذلك الرأي العام".. "أنا لا أسكت على الحال المايل، رأيي أن الصحافة تستطيع أن توجه الرأي العام وليست أن تتملقه أو تكتب ما يسره أو يرضيه".. "أن يفوتك 100 سبق صحفى أفضل من أن تنشر خبرا كاذبا".
أقوال وكلمات رائعة.. عاشت عشرات السنين ولا تزال حية، وصالحة إلى الآن، وتصلح نبراسا لأخلاقيات الصحفي، ونواة لدستور العمل في بلاط صاحبة الجلالة.
من هنا، على الصحفي أن يحتفظ بنظافة يده، وحسن مظهره، ودبلوماسية لسانه، ورقي تصرفاته، وأن يحترم الصغير والكبير ممن تضطره ظروف العمل إلى التعامل معهم، حتى لو كان تعاملا هامشيا أو مؤقتا.
ومن الصحفيين الذين قرأت لهم، وقرأت عنهم، وأعتبره نموذجا للرقي والنزاهة، وعلو الشأن، وقوة الشخصية؛ "أمير الصحافة" محمد التابعي.
ولد محمد التابعي محمد وهبة، في بورسعيد، وبالتحديد في خليج الجميل في (18 مايو 1896 - 24 ديسمبر 1976). وقد بدأ محمد التابعى عام 1924 بكتابة مقالات فنية في جريدة الأهرام تحت توقيع "حندس".
وكان التابعي في البداية يكتب في "روزاليوسف" بدون توقيع، فقد كان يعمل موظفا في البرلمان المصري. وكادت مقالاته السياسية تفجر أزمة سياسية بين الدستوريين والسعديين.
نصف قرن.. الزعيم يأبى الغياب
واستقال محمد التابعي من وظيفته الحكومية ليتفرغ للكتابة في "روزاليوسف"، وكان سعر النسخة في ذلك الوقت خمسة مليمات مصرية، وتسببت مقالات التابعي السياسية القوية في زيادة توزيعها حتى أصبح ثمنها قرش صاغ. أسس التابعي مجلة "آخر ساعة" عام 1934 وشارك في تأسيس جريدة "المصري"، مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت.
كان محمد التابعي الصحفى المصري الوحيد الذي رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام 1937، وكان شاهدا ومشاركا في العديد من الأحداث التاريخية آنذاك. اشتهر التابعي بأنه صحفي يتحقق من معلوماته قبل نشرها، وكان يحصل على الأخبار من مصادرها مهما كانت. وكان أسلوبه ساخرا عندما يهاجم، لكنه كان رشيقا مهذبا وأصبح صاحب مدرسة خاصة في الكتابة الصحفية.
من ضمن أسلوب التابعى الساخر أن أطلق أسماء هزلية على بعض الشخصيات السياسية المعروفة، وكان يكفى أن يشير التابعي في مقال إلى الاسم الهزلي ليتعرف القراء على الشخصية المقصودة.
تم تأليف العديد من الكتب عنه، ومنها سيرته الذاتية في جزئين بقلم الكاتب الراحل صبري أبو المجد، وكذلك "من أوراق أمير الصحافة"، بقلم الكاتب الصحفي محمود صلاح، كما ألف عنه حنفي المحلاوي كتاب "غراميات عاشق بلاط صاحبة الجلالة"، وهو يحكي عن أشهر غراميات التابعي في مصر وفي أوروبا، فقد كان التابعى "دون جوان" الصحافة المصرية، كما كان أميرها ومؤسسها وله العديد من العلاقات المقربة مع مشاهير وأمراء في كل بلاد الدنيا.
سر الإنقلاب!
وقال عنه تلميذه مصطفى أمين: "كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط على الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار". تتلمذ على يديه عمالقة الصحافة والسياسة والأدب مثل: محمد حسنين هيكل، ومصطفى وعلي أمين، وكامل الشناوي، وإحسان عبد القدوس، وأحمد رجب وغيرهم.
ومن الأقوال التي نطق بها، وخلدها التاريخ:
"لقد خلعوا على الصحافة لقب "صاحبة الجلالة"، لكن صاحبة الجلالة تحمل على رأسها تاجا من الأشواك! فالصحفي يكتب وسيف الاتهام مسلط فوق رأسه، وقليلون منا، نحن الصحفيين، هم الذين أوتوا الشجاعة لإبداء رأيهم، ولا يبالون أن يتهموا في نزاهتم، وأنهم مأجورون ينالون ثمن مقالتهم من دولة ما أو من جهة ما.. إذا كتب الصحفى اتهم في نزاهته، وإذا لم يكتب اتهم في شجاعته بأنه لا يؤدى واجبه ورسالته".
"رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أيا كان، وأن أقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت في ذلك الرأي العام".. "أنا لا أسكت على الحال المايل، رأيي أن الصحافة تستطيع أن توجه الرأي العام وليست أن تتملقه أو تكتب ما يسره أو يرضيه".. "أن يفوتك 100 سبق صحفى أفضل من أن تنشر خبرا كاذبا".
أقوال وكلمات رائعة.. عاشت عشرات السنين ولا تزال حية، وصالحة إلى الآن، وتصلح نبراسا لأخلاقيات الصحفي، ونواة لدستور العمل في بلاط صاحبة الجلالة.