لقطاء الإعلام وإعلام اللقائط !
فجأة.. تجد أحدهم على الشاشة أو على أثير الإذاعة يقدم برنامجا.. من هو؟ كيف
جاء إلى هنا؟ ما هي كينونته؟ ما هي ثقافته؟ لا شيء على الإطلاق، اللهم أموال تستطيع شراء
وقت برامج أو الإنفاق على برامج أو توفير إعلانات مدفوعة لبرامج !
السطور السابقة عامة عن ظاهرة باتت لافتة.. العالم كله الآن يعتمد الحضور والثقافة
معيارين كادا أن يكونا لا ثالث لهما.. حتى إننا نشاهد أبناء البشرة السمراء على الشاشة
يقدمون برامج ونشرات أخبار والفلسفة هي أن يجد كل الناس أشباههم على الشاشة.. فيرون
أنفسهم فيقتربون من هذه القناة أو تلك.
الذكاء السياسي في التربية والتعليم!
أحمد سالم.. فجأة على شاشة القاهرة والناس.. أهلا وسهلا.. ليس بيننا وبينه مسألة
شخصية فلا نعرفه أصلا.. إنما هي نفسها المأساة التي نعيشها منذ سنوات.. صحيح تراجعت
لكنها لم تنته وهي ضرب التاريخ بالأحذية القديمة وكل من هب ودب يطلع يفتي ويروي روايات
لا أصل لها، وتزييف وتزوير لا آخر لهما.. وهذا ما يعنينا.. حتي إننا رفضنا قبل أيام
ـ وكنا أول من رفض ـ تصريح حسن مصطفي رئيس اتحاد اليد عن الرئيس مبارك رغم موقفنا المعارض
جذريا لمبارك وعهده حيث لا دليل على القصة ولا كانت اللياقة تقتضي ذلك والاحتفال عالمي على أرض مصر !
إليكم هذه القصة، التي من حقك أن تنسبها كما تشاء إلي حواديت قبل النوم، أو
إلى حواديت المصاطب من حقك.. وهي باختصار قال إيه إن في إحدي مباريات الكرة شاهد الزعيم
جمال عبد الناصر أحد الموجودين يدخن السيجار فسأل عنه فأبلغوه أنه صاحب أحد أنواع الشاي..
فقالهم وده إتأمم ولا لسه.. قالوله لا.. فقالهم أمموه حالا!
بالطبع التأميم لا وجود له الآن.. والظروف غير الظروف.. لكن الاستظراف في موضع
الجد بهدف إبراز الرجل إنه زعيم عصابة ليس إلا هي سخافة لا حدود لها.. المصيبة إن حواديت
قبل النوم هذه تنتقل إلي الشاشة ويتابعها الملايين.. دون رادع لا من ضمير ولا من ثقافة
ولا من أعلى للإعلام ولا من الجمعية التاريخية.. وحتي يفهم أحمد سالم ومن على ثقافته
نقول قصة التأميم بشكل مختصر جدا..
تروي الدكتورة ناهد يوسف في كتابها "صناعة الدواء في مصر من الازدهار إلى
الانهيار" كيف تآمر القطاع الخاص وكان أغلبه أجنبيا في حرب 56 وكانت حديثة التخرج،
وأدارت ورشة لتصنيع الدواء وشاهدت بنفسها كيف كانوا يعاملون العمال المصريين يضربونهم
ويفصلونهم، وكان تآمرهم بمنع استيراد الدواء لينهار النظام سببا في تأميمهم، وبعده
اكتشفوا بالصدفة كم الغش في أدوية نهشت أجساد المصريين.. آبائنا وأجدادنا!!
الإخوان وأمريكا وأصول اللعبة!
بعد خمس سنوات بالتمام والكمال من ذلك ولا أحد من القطاع الخاص وقتها يريد أن
يشارك في خطط الدولة الطموحة للتنمية.. فالتأميم كان عام 61 أي تسع سنوات كاملة من
ثورة يوليو.. ومع ذلك لم يكن ذلك السبب في التعجيل به.. السبب الأساسي إن بلجيكا التي
تحتل الكونغو غضبت جدا من موقف مصر في دعم الكونغو وزعيمها الذي قتلته بلجيكا وأمريكا،
الثائر العظيم "باتريس لوممبا" التي استطاعت مصر تحرير أبنائه وزوجته رغم
القبض عليهم في عملية مخابراتية أسطورية كتبنا عنها سابقا.. ووصولهم وقتها إلى مصر.
فقررت بلجيكا قطع العلاقات وتجميد أي أموال مصرية.. رد عبد الناصر بالمثل وهنا
كانت الكارثة.. يهود بأسماء مصرية وأجانب يمتلكون أسهما في أغلب الشركات (عدد كبير
منها كان في شركة محمد فوزي بالمناسبة) فطلب ناصر من الأجهزة أن ترد علي السؤال الخطير..
من يحكم ويملك الاقتصاد المصري.. وذهبت الأجهزة تبحث وتستقصي في كل اتجاه وعادت بالمعلومات
وكانت الصاعقه: ٢٠٠ أسرة يهودية تتخفى تحت جنسات متعددة، منها البلجيكية يمتلكون
500 مليون جنيه بخلاف ما تم تهريبه) !!!
فتقرر إعادة كل ذلك للشعب المصري وتشكلت لجنة أشرف عليها من؟ واحد من أعظم الاقتصاديين
المصريين علي الإطلاق هو الدكتور حسن عباس زكي!! والذي أقر بوجود تجاوزات في التأميم..
وأبلغ بها الرئيس.. فقال له "ارفع أسماء كل من تجد إنه لا ينطبق عليه القانون"!
(راجع حوار حسن عباس زكي مع المصري اليوم سنة 2009 في 24 يوليو )
مخالفات لا تسقط بالتقادم.. حاكموهم!
كانت الفكرة أن تملك مصر اقتصادها.. وألا يحتكر أحد إنتاج سلعة بعينها.. وتأمين
حياة وظروف العمال وقد تدهور كل ذلك بعد رحيل ناصر!!
لم تكن القصة إذن لعب عيال.. ولا زعيم يريدون شيطنته وإظهاره إنه قاطع طريق
وليس صائنا لمصالح شعبه!.. الموضوع إذن ليس موضوع ناصر.. إنما تاريخ هذا البلد الذي يدوسه هؤلاء تحت أقدامهم
كأنه تاريخ بلد آخر كل مهمتهم تشويهه وابتذاله واحتقاره.. ولمصلحة من؟ لا نعرف.. بل
نعرف وتعرفون!
وقد يكون للحديث بقية عن أحمد سالم.. وغيره ممن يعيد تدوير لقائط من هنا وهناك
أغلبها من عند إعلام الإخوان.. وأدى إلى أجيال كاملة مشوشة ولا انتماء لديها.. بفعل
تاريخ مشوه ومزور!