رئيس التحرير
عصام كامل

الأزمات لا تأتي فرادي!!

أطل علينا هذا العام فى بدايته بخبر ذي طبيعة خاصة، لم يكن عن مولود من عائلة ملكية أو عن اكتشاف إحدي الموارد الطبيعية أو حتي تغيير في موازين القوي الدولية ، لقد كان لظهور فيروس "كوفيد ١٩" في مدينة "ووهان الصينية"، ذلك الفيروس الذي ينتمي لعائلة "كورونا" التي تستهدف الجهاز التنفسي للإنسان.


ولأنه يحمل جنسية صينية، فسافر وأقام في جميع دول العالم، لم توقفه حدود أو تأشيرة أو جنسية، و لم يحاسبه أحد أو يحدد إقامته أو حتي ذهابه وعودته، مصيبا حوالي ١٨ مليونا و زارعا الخوف فى قلوب الكثيرين.

لذا ونظرا لطبيعة الأزمات والحاجة الملحة للمعلومات، فكما امتلأت محركات البحث، بالمهتمين والباحثين عن تاريخ عائلته وأسبابه وأعراضه وكيفية الوقاية منه، ذهب البعض لنشر فيروس الشائعات والخرافات.
حديث الروح
تلك التى قال عنها ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر "جون جبور" ، إن الشائعات أخطر من المرض، وأكد السيد "تيدروس غيبريسوس" مدير منظمة الصحة العالمية، أن "infodemic " تلك المعلومات الخاطئة التى تعيق التعامل مع المرض بالشكل الصحيح، تضيف عبئا على المؤسسات الصحية بل وتؤذى صاحب المنشور ومن ينشره، فى وقت لسنا بحاجة لمزيد من الأضرار.

وقد بحثنا في الماضي ولكن لم نجد ضالتنا، فظهرت لنا خرافات قديمة لا تغني ولا تسمن من جوع كخرافة " اابن سالوقية" عام 463 هجرى، و نبوءة" أبي على الدبيزي" عام 565، و فشل كليهما فى معرفة اسم العلاج وزمانه ومكانه.

ونافساتهما "الوصفات المنزلية"، ووجدت "الطبخات المنزلية المصرية"، لها مكانا على مائدة الفتوى.

كل ما سبق من الشائعات والوصفات التى يحركها الأمل الزائف، قد تكون محدودة الأذى، إلا إنه قد جاورتها شائعات مضللة وموجهة من الدول المعادية لمصر مستغلة الازمة وحالة التخبط والخوف، تلك التي قد تفوق خسائرها البشرية والاقتصادية والسياسية أي أرقام أو توقعات .

وما أن أكتملت ضد مصر التهديدات المائية جنوبا والسياسية والأمنية غربا، حتي لمعت أعين تلك الدول وسال لعابها ولهثت لتحقيق المزيد من المشاكل الداخلية، فأمتدت أياديهم بوجوه إعلامية تشبه نواياهم لنشر مزيد من فيروساتهم ، تلك التي تفشل في صدها أخلاقيات ولا تعرقلها مهنية ولا حتي تحدها ازمات إنسانية.
عهد الخيانة!
فوجدت في رحابة الفضاء الإلكترونى ما يتسع لشركائها وأطماعها، فانتشرت بسرعة وسهولة، وعلي أيدي ضحاياها ومستخدميها فشابهت "كوفيد ١٩" في سبب الانتشار ونافسته في سرعته.

إلا إن ١٠٠ مليون مصري رقم عجز عنه منافسها، الشر واحد وإن تعددت الأسباب واختلفت الضحايا وتنوعت الأساليب، تلك التي تمرسوا في اختيارها ومزجها ما بين الإحباط واثارة البلبلة وزرع بذور الفتنة.

فتارة تشكك في أن شركة كبري لرجل أعمال مصري ساهمت في بناء سد النهضة الإثيوبي، وتارة تزعم موافقة مصر علي أن تتخلي عن حماية سرت والجفرة الليبية في مقابل تسليم المصريين العاملين بالقنوات الموجهة التركية، عقب موافقة مجلس النواب علي إرسال عناصر من القوات المسلحة، لأداء مهام خارج البلاد لوقف الزحف التركي علي الشقيقة ليبيا.

وكما استطاعت مصر تأسيس أول مدينة لتصنيع اللقاحات، و أن تحجز نصيبها من اللقاح الياباني "أفيجان" والأمريكي "رامديسفيد" ليس استخداما فقط بل وانتاجا وتصديرا، وتتفاوض حول اللقاح الإنجليزي "اكسفورد" لتكتب بشراكة عالمية شبه نهاية لذلك الفيروس.

إلا أنه قد قدر لمصر ألا تأتى أزماتها فرادي، فتتجاور و تزداد وتطول بعدد طامعيها وقوة شعبها وعظمة تاريخها ، وها قد دخلت حروب ومواجهات الجيل الرابع،  مجبرة لا مخيرة ومدافعة كثيرا ومهاجمة أحيانا ، تلك الحروب الإعلامية التي طورت أسلحتها وتعدد حلفائها وتمددت أرضها وطال أمدها.
الحرية في تمثال
لذا فلم يعد مقبول أن تتولي الدولة وحدها التصدي و الدفاع أمام كل تلك الأزمات، ففي الشدائد تتضح المعادن وتنسج البطولات وتكتب فصول جديدة في التاريخ.

فقد حان الوقت لنتشارك ونتصدي لتلك الفيروسات الإلكترونية، التى تستهدف الوعي وتضلل العقل وتشوه الوجدان لتحقق أهدافها السياسية بهدم مؤسسات الدولة وهز الثقة بقيادتها.

ليس علينا فقط سوى أن نتمسك بحقوقنا ومقدراتنا ومصائرنا، لنحجب كل من يتسلل إلينا ويستخدمنا على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة. معلنين أننا نملك خط دفاع يهزم كل من أراد بنا شر، وإن عقلنا يفلتر الاخبار فيختار ويحذف وإنه يملك antivirus 
الجريدة الرسمية