السبوبة فى الجردل!
رغم أن تعليمات مجلس الوزراء، ووزارة التربية والتعليم صارمة فى هذا الأمر، بل تمنع منعا باتا تقاضى أى تبرعات من أولياء أمور الطلاب الراغبين فى إجراء تحويلات خارج مناطقهم السكنية أو محل دراستهم الاصلى..
إلا أن فئة من مديري المدارس معدومى الضمير، يعتبرونه موسما ذهبيا
لتنفيض جيوب أولياء الأمور، رغم تفوق الأبناء الذي يمكنهم من الالتحاق بأى مدرسة يرغبون
بها.
حصل نجلى على الشهادة
الإعدادية بمجموع كبير، ولرغبتي في إلحاقه بمدرسة خارج المربع السكنى الذى نقيم به،
بادرت بالتواصل مع إدارة إحدى المدارس الثانوية في إحدى المناطق المجاورة، وبالفعل
جلست مع مدير المدرسة الذي كان يملي شروطه نظير الموافقة على التحاق الأبناء من خارج
نطاق الإدارة التعليمية بمدرسته.
طيور الموت الورقية
رحب مدير تلك المدرسة
بالتحاق نجلى، ولكن شريطة التبرع بمروحتين، وحينما بادرت بالسؤال :"لماذا التبرع
والمجموع مناسب والحمد لله"، رد على بابتسامة صفراء:" اعتبرهم زكاة علشان
ابنك وزمايله"، وكنت من داخلي بالفعل عاقدا العزم على عدم إحضار أى شيء، والتمسك
بحقي فى إلحاقه بلا تبرعات.
وحال تجهيز الأسرة
كل الأوراق المحتمل أن يطلبها مدير المدرسة، بادرنا بالاتصال به هاتفيا، فطلب الحضور
فى الصباح الباكر ومعنا كل الأوراق.
وفى التاسعة صباحا
كانت زوجتى وشقيقتها بالفعل أمام المدير بعد أن أخذت دورها في طابور أولياء الأمور،
إلا أن المدير فاجأنا بمطلب جديد، ألا وهو استبدال المروحتين ــــ لأن لديه ما يكفي ـــ ، والتعويض عنهما بإحضار 10 عبوات دهانات كبيرة الحجم "جرادل"، من
أحد المحلات أمام المدرسة تبلغ قيمة الواحد 150 جنيها، أو إحضار ما بين 150 الى 200
لقمة كهرباء للحائط.
وحينما سألته زوجتى
عن أسباب هذا التبرع رغم القرار الوزاري بمنعه، بادر بسؤالها: "والده بيشتغل إيه؟
فأجابت مخبرة إياه بطبيعة عملى فى المجال الإعلامى، فرد مبتسما: "كويس يعنى بيقبض
ملايين زى (...) ، ذاكرا اسم أحد مشاهير المجال.
البهية العفيّة
رفضت رفضا باتا هذه
المساومات، مقررا أنا وزوجتى إلحاق نجلنا بالمدرسة المجاورة لنا التي وقع عليها تنسيقه
السكنى، رافضين تلك المقايضات، ثم بادرت فى نفس اليوم بتقديم شكوى رسمية عبر البوابة
الإلكترونية لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، والتى لاقت استجابة فورية فى غضون يومين،
مع الوعد بالتحقيق فى الأمر، من قبل الإدارة التعليمية المختصة بالمدرسة.
فوجئت بعدها باتصال
هاتفي من مدير تلك المدرسة، مرحبا بانضمام نجلى إلى صفوف طلابه بلا أى تبرعات، هامسا
إلى وسط الحديث الهاتفي :"لو جيت دلوقتى هتلاقى المدرسة يتم دهانها بدهانات أولياء
الأمور ، يعنى مش بحط حاجة فى جيبي"، إلا اننى كنت عاقدا العزم على الاستقرار
بإذن الله فى المدرسة المجاورة للمنزل.
وحينما أبدى زميل
نجلى رغبته فى الالتحاق بنفس المدرسة وكان مجموعه مساويا للمجموع، عرض أحد مدرسي نفس
المدرسة على والده، أن يتقاضى ألفى جنيه نظير تمرير أوراقه، وهو ما رفضه والده بشدة
وفضل أيضا تقديم شكوى والالتزام بالحاق نجله بالمدرسة المجاورة له.
وثيقة عزم وأمل
موسم فعلى للتربح
الفاسد بلا أى أوراق أو مستندات تثبت حدوثه، وقرأت بالفعل عن أولياء أمور بسطاء استدانوا
وآخرين وقعوا إيصالات أمانة فى سبيل شراء شاشات تلفزيونية، ومراوح بالتقسيط للتبرع
بها إلى بعض المدارس، بلا أى مستند او ايصال استلام، سوى مخزن يمتلئ عن آخره ببضاعة
مجانية، يعلم الله كيف سيتم توزيعها وتقسيمها والتربح منها.
باب كبير من أبواب
الفساد التي تسعى القيادة السياسية والحكومة بكل ما أوتيا من عزم وقوة لإغلاقها ومعاقبة
المتورطين فيها، ولن يتم هذا على أكمل وجه إلا بتعاون الأهالي وتصديهم للمقايضات والإبلاغ
الفورى عن كل حالة، فحينها تضعف شوكة الفاسد، ويخشى العقاب، ويأخذ كل ذي حق حقه بلا
أى ابتزاز.